الشارع على ذلك الجلد المأخوذ من ذلك الحيوان بعد الذبح بأنّه نجس ، فيكون الحيوان المشكوك باقياً تحت ذلك ، لا لأجل قاعدة الطهارة ، بل لأجل أنّه لم يخرج من ذلك العموم إلاّما حكم الشارع عليه بأنّه نجس لكونه ميتة ، والقدر المتيقّن منه ما مات حتف أنفه.
ثمّ لا يخفى أنّا لو سلّمنا كون القابلية من الصفات الواقعية للحيوان لتكون الشبهة بذلك مصداقية ، لم يمكن التمسّك بالعموم المذكور. ودعوى كون ذلك ممّا يمكن للشارع أن يتصرّف فيه ويحكم بأنّه ليس بميتة ، فيكون ذلك العموم كاشفاً عن حكم الشارع بأنّه ليس بميتة أو بأنّه قابل للتذكية ، ممنوع. أمّا الأوّل فلأنّه لا يمكن الحكم الشرعي بأنّه ليس بميتة من دون التصرّف في القابلية. وأمّا الثاني ، فلأنّ القابلية بعد كونها من الصفات الواقعية لا يتأتّى فيها التصرّف الشرعي.
وبالجملة : ليس التصرّف الشرعي في هذا المقام إلاّعبارة عن حكم الشارع بأنّ هذا الحيوان يطهر بالذبح وذلك الحيوان لا يطهر به ، وعن الأوّل ينتزع المذكّى وعن الثاني ينتزع الميتة. وإن شئت فسمّ هذا الانتزاع بالقابلية وعدم القابلية ، فلا مشاحة في الاصطلاح بعد وضوح أصل المطلب ، فتأمّل. هذا ما كنّا حرّرناه سابقاً.
ولكن لا يخفى أنّ هذا العموم ـ أعني عموم قوله : « وجميع الجلود » (١) ـ غير نافع فإنّه بعد تخصيصه بالميتة لا يمكننا التمسّك فيما نحن فيه به ، لا لأجل كون الشبهة مصداقية ، لما عرفت من كونها مفهومية بل حكمية ، بل لأجل أنّ الشكّ في أنّ هذا الحيوان هل حكم الشارع عليه بأنّه يطهر بالذبح يوجب الحكم
__________________
(١) المذكور في صحيح علي بن يقطين المتقدّم في صفحة : ١٨٦.