بجواز لبس جلد الميتة إذا لم يكن في حال الصلاة ولم يستلزم مباشرته بالرطوبة ، لم يكن الاستدلال بها حينئذ تامّاً.
ثمّ إنّ نظير هذه الصحيحة صحيحة الريّان بن الصلت ، قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن لبس فراء والسمور والسنجاب والحواصل (١) وما أشبهها والمناطق والكيمخت والمحشو بالقز والخفاف من أصناف الجلود ، فقال عليهالسلام : لا بأس بهذا كلّه إلاّبالثعالب » (٢). لكن لعلّ استثناء الثعالب كاشف عن أنّ المنظور إليه هو الصلاة ، إلاّ أن تكون في البين خصوصية تقتضي استثناء الثعالب من جواز مجرّد اللبس ، ولعلّها هي الكراهة.
وعلى كلّ حال ، فالصحيحة المزبورة كافية ، لكن لابدّ من إخراج ما لم تقع عليه التذكية أعني الذبح ، وإلاّ عاد الإشكال في الميتة ، وبعد إخراج ذلك منها يكون العموم المذكور دالاً على قبول كلّ حيوان للتذكية حتّى المسوخ ، ولا يكون التمسّك به في شموله للمسوخ مثلاً من قبيل التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية ، فإنّه ليس من هذا القبيل ، بل هو من قبيل التخصيص بالمنفصل مع كون الشبهة مفهومية ، للشكّ في شمول مفهوم الميتة الخارجة عن هذا العموم للمسوخ المذبوح ، لأنّ القدر المتيقّن من الميتة هو الميتة العرفية ، وهو ما مات حتف أنفه.
__________________
(١) قال في المجمع : الحواصل جمع حوصل ، وهو طير كبير له حوصلة عظيمة يتّخذ منها الفرو. قيل : وهذا الطائر يكون بمصر كثيراً ، وهو صنفان أبيض وأسود ، وهو كريه الرائحة لا يكاد يستعمل ، والأبيض أجوده ، وحرارته قليلة ورطوبته كثيرة ، وهو قليل البقاء ، كذا في حياة الحيوان [ منه قدسسره راجع مجمع البحرين ٥ : ٣٥٠ مادّة حصل ].
(٢) وسائل الشيعة ٤ : ٣٥٢ ـ ٣٥٣ / أبواب لباس المصلّي ب ٥ ح ٢.