للاستصحاب ، وأمّا غيره فقد عرفت أنّ الأصل عدم التذكية إلاّما يندرج منها في الصحيح المزبور ، والله العالم (١). ولكنّه قدسسره جزم بعدم قبول الحشرات ذوات النفس للتذكية ، فقال : وفاقاً للأكثر بل المشهور ، للأصل المزبور السالم عن معارضة الصحيح ونحوه ، بعد انسباق غير ذلك من الجلود فيه وإن كان بلفظ الجمع ، فلا أقل من الشكّ ، وقد عرفت أنّ الأصل عدم التذكية ، والله العالم (٢) انتهى كلامه قدسسره.
قلت : ويمكن التأمّل في دعوى الانسباق من الجلود في الصحيح المذكور إلى جلود غير الحشرات مع كونه بلفظ الجمع المحلّى باللام الظاهر في العموم ، مضافاً إلى إضافة لفظ « جميع » إليه الموجب لكونه من أعلى درجات الظهور في العموم ، إذ ليس في قبال ذلك إلاّدعوى أنّ المتعارف من لبس الجلود هو غير جلود الحشرات.
وفيه تأمّل ، سيّما بعد ملاحظة أنّ من جملة الجلود المتعارف لبسها ما يسمّى في زماننا باسم الخز أو باسم آخر ، وهو جلود صغيرة يضمّ بعضها إلى بعض ووبرها في غاية اللطافة ، وعلى الظاهر أنّه جلد بعض الحشرات في بعض البلاد مثل الفار في بلادنا. والحاصل : أنّ دعوى الانصراف قابلة للمنع ، فتأمّل.
نعم ، إنّ تمامية الاستدلال بصحيحة علي بن يقطين يتوقّف على ثبوت حرمة لبس جلد الميتة مع قطع النظر عن الصلاة فيه ، وأنّ الصحيحة إنّما تتعرّض لجواز لبس الجلود ، من دون تعرّض لجواز الصلاة فيها ، إذ لو كانت متعرّضة لذلك لكانت معارضة لأخبار المنع عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، كما أنّا لو قلنا
__________________
(١) جواهر الكلام ٣٦ : ٢٠١.
(٢) جواهر الكلام ٣٦ : ١٩٩.