هاتين الجهتين في عصرنا ، ومن جهة الرجوع إلى البراءة عند فقد النصّ يكون الحال في ذلك العصر أضيق منه في هذا العصر ، حيث إنّ المجتهد في ذلك العصر مقيّد بالسؤال من الإمام عليهالسلام ولو تفحّص [ ما ] بأيديه من الدفاتر ، أو سأل من أهل عصره من الرواة عن رواية واردة في تلك المسألة ، بل لابدّ له من السؤال منه عليهالسلام وقبل السؤال لابدّ له من الاحتياط في الفتوى أو العمل ، كما هو مدلول هذه الرواية وهو الذي تقتضيه القاعدة ، وبالنتيجة يقلّ رجوعهم إلى البراءة في الشبهات الحكمية بل لعلّه لا يتحقّق ، وهذا بخلاف المجتهد في عصرنا ، فإنّه ينحصر فحصه فيما لديه من كتب الأخبار ، وهو سهل ، وبعد عدم العثور يكون المرجع هو البراءة ، وموارده كثيرة لا تخفى ، فتأمّل.
والظاهر أنّ مورد الرواية هو فحص المجتهد في مقام الفتوى ، لقول الراوي : « إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه » (١) ولعلّ من هذا القبيل ما اشتمل عليه ذيل المقبولة بعد ذكر المرجّحات : « إذا كان كذلك فارجئه حتّى تلقى إمامك فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات » (٢) فيكون مختصّاً بمن كان في ذلك العصر.
قوله : وأمّا الموثّقة فالشبهة في موردها لا تخلو إمّا أن تكون موضوعية وإمّا أن تكون حكمية ... الخ (٣).
الظاهر أنّ الشبهة في مورد السؤال موضوعية ، لقوله : « يتوارى عنّا القرص
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٤ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ١.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ ـ ١٠٧ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٣٧٦.