ظاهرها الأمر بالوقوف بأوّل شبهة ، وليس بناظر إلى التعوّد والتكرار.
لكن بعض الروايات صريحة في ذلك ، مثل قوله عليهالسلام في مرسلة الصدوق عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنّه عليهالسلام خطب وقال : حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك ، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك. والمعاصي حمى الله ، فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها » (١). وعن الباقر عليهالسلام « قال : كان جدّي يأمر بترك الشبهات بين الحلال والحرام ، قال : من رعى غنمه قرب الحمى نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى ، ألا وإنّ لكلّ ملك حمى ، ألا وإنّ حمى الله محارمه » (٢).
قوله : مع أنّ ظاهر الصحيحة هو كون المكلّف متمكّناً من الفحص وتحصيل العلم بحكم الواقعة (٣).
لا يخفى أنّ الفحص من العامي إنّما هو بالسؤال من مجتهده الذي يرجع إليه ، ولو كان في زمان الحضور كان فحصه بالسؤال من نفس الإمام عليهالسلام لو أمكنه ذلك ، أمّا المجتهد ففحصه إنّما هو عن الأدلّة ، ولكن يختلف الحال في العصور ، فإنّ المجتهد في عصر الرواة الذين حظوا بالوصول إلى خدمة الأئمّة عليهمالسلام يختلف عن المجتهد في عصرنا ، فمن جهة يكون الاجتهاد في ذلك العصر أسهل ، ومن الجهة الأُخرى لا يخلو عن صعوبة بالنسبة إلى من في عصرنا ، فمن جهة إحراز الظهور والصدور كان الاجتهاد في ذلك العصر في غاية السهولة ، بخلافه من
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦١ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٢٧.
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦٩ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٥٢ ( نقل صدره بالمضمون ).
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٣٧٦.