أولى ، بأن يقال : ما حجبه الله عن العباد. وأمّا نسبة حجب العلم إليه تعالى فيمكن أن يكون كنسبة سائر الأُمور العادية التي تنوجد وتنعدم بأسبابها العادية إليه ، ليكون من قبيل « ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر » (١) وحينئذ يكون محصّل الرواية هو أنّ ما لم يحصل به العلم للعباد من الأحكام الواقعية فهو موضوع ومرفوع عنهم. وعموم العباد لا يكون قرينة على إرادة الأحكام التي لم تبلغ ، لأنّه من قبيل « رفع عن أُمّتي ما لا يعلمون » (٢) في نسبة عدم العلم إلى الأُمّة ، والمقصود هو آحادها ممّن اتّفق له عدم العلم بالحكم الواقعي.
قوله : وعلى الثاني يكون مفاده أنّ الناس ما دام لا يعلمون يكونون في سعة ، فتكون أخبار الاحتياط حاكمة عليه على تقدير تمامية دلالتها ... الخ (٣).
وجه الحكومة : هو أنّ ما لا يعلمون يكون متعلّقه هو مطلق الوظيفة لا خصوص الحكم الواقعي ، وحينئذ تكون أخبار الاحتياط واردة عليه لا حاكمة. ولكن يمكن أن يقال : إنّ متعلّق العلم هو الحكم الواقعي كما لو أخذنا لفظة « ما » موصولة ، وقرأناه باضافة السعة لا بالتنوين.
قوله : فيقدّم أخبار الاحتياط عليه ، لكون هذه الرواية عامّة لمطلق الشبهة ، واختصاص تلك الأخبار بخصوص الشبهة التحريمية ، فتدبّر (٤).
لعلّ قوله : فتدبّر ، إشارة إلى إيراد ذكره قدسسره فيما حرّرته عنه ، وأنّه لِمَ لا نلتزم
__________________
(١) وسائل الشيعة ٨ : ٢٥٩ / أبواب قضاء الصلوات ب ٣ ح ٣ ، ٧ وغيرهما.
(٢) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس ب ٥٦ ح ١.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٣١٥.
(٤) أجود التقريرات ٣ : ٣١٥.