وبذلك يندفع الإشكال الأوّل ، لأنّه بواسطة جعل الترخيص في مورد عدم العلم بالتكليف الواقعي يكون متكفّلاً للترخيص الظاهري في قبال التكليف الواقعي ، فيكون حاكماً على الأدلّة الواقعية حكومة ظاهرية ، وبذلك يتنافى مع الحكم الواقعي ، وطريق الجمع هو ما حاولنا من جعل هذه التصرّفات الظاهرية كناية عن جعل حجّية احتمال عدم التكليف الواقعي بمقدار المعذورية ، فراجع وتأمّل.
ومن ذلك كلّه يظهر لك التأمّل في كثير من العبائر التي اشتمل عليها الأمر الأوّل من هذا التحرير (١) ، وأنّه لابدّ من تأويلها وإرجاعها إلى هذا الشرح الذي فصّلناه ، كما أنّه يظهر لك التأمّل فيما أُفيد في الأمر الثاني بقوله : والتحقيق أنّه لا حاجة إلى التقدير ، فإنّ التقدير إنّما يحتاج إليه إذا توقّف تصحيح الكلام عليه ـ إلى قوله ـ وأمّا إذا كان الرفع رفعاً تشريعياً ـ إلى قوله ـ كقوله صلىاللهعليهوآله : « لا ضرر ولا ضرار » (٢) وكقوله عليهالسلام : « لا شكّ لكثير الشكّ » إلى آخر المبحث (٣) فإنّك قد عرفت أنّ مثل « لا ضرر » ممّا يكون المنفي هو عنوان الحكم ، يكون النفي فيه مسلّطاً على الحكم ، من دون حاجة إلى تقدير شيء ، بخلاف مثل « لا شكّ لكثير الشكّ » ممّا يكون المنفي فيه عنواناً للفعل الخارجي. وأنّ الرفع في « ما لا يعلمون » وإن كان في بادئ النظر هو من قبيل ما يكون النفي فيه مسلّطاً على نفس الحكم ، إلاّ أنّه بعد أن كان الحكم الواقعي ثابتاً قطعاً ، كان من قبيل ما يحتاج إلى نحو من التسامح ، وهل هو من قبيل المجاز في الكلمة ، أو من قبيل مجاز الحذف ، أو هو من قبيل
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٣٣٦.
(٢) وسائل الشيعة ٢٥ : ٤٢٧ / كتاب إحياء الموات ب ١٢.
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٣٤٢ ـ ٣٤٣.