والخلاصة : أنّك قد عرفت في قاعدة لا ضرر أنّ صاحب الكفاية قدسسره (١) حمل هذا النفي على كونه نفياً للحكم بلسان نفي الموضوع ، ويكون الضرر عنواناً للفعل الضرري ، وشيخنا قدسسره (٢) أفاد أنّه لا حاجة إلى تبعيد المسافة ، بل يمكن أخذ الضرر عنواناً للحكم الضرري ، ويكون نفي الضرر عبارة عن نفي الحكم الضرري.
أمّا الرفع في « ما لا يعلمون » بعد كون المراد رفع الحكم الواقعي الذي لا يعلمونه ، فظاهره الأوّلي مطابق لما أفاده شيخنا قدسسره في لا ضرر ، فيكون المرفوع هو نفس الحكم الواقعي بعنوان كونه ممّا لا يعلمونه. لكن هذا لا يمكن الالتزام به في حديث الرفع ، لكونه موجباً لاختصاص التكاليف الواقعية بالعالمين بها ، فلابدّ من فرض نفس الحكم الواقعي بمنزلة الموضوع الموجود وجداناً ، وكون تسليط الرفع عليه باعتبار أثره الشرعي ، وحينئذ يكون من قبيل « لا ضرر » بناءً على ما أفاده في معناها صاحب الكفاية ، ويكون وزانه وزان « لا شكّ لكثير الشكّ » (٣) ويكون حاله من هذه الجهة حال رفع الخطأ والنسيان في كونه مسوقاً لرفع الحكم بلسان رفع الموضوع ، ويكون الحاصل هو أنّ الحكم الواقعي بعنوان كونه غير معلوم مرفوع الأثر الشرعي ، ولا ريب أنّ الأثر الشرعي اللاحق للحكم الواقعي بعنوان كونه غير معلوم إنّما هو الاحتياط ، لأنّ موضوعه هو الحكم الواقعي المشكوك ، فلا يكون المرفوع إلاّوجوب الاحتياط ، لكنّه بلسان رفع الموضوع الذي هو نفس الحكم الواقعي مع فرض تحقّق ذلك الموضوع واقعاً
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٨١.
(٢) قاعدة لا ضرر ( المطبوع في نهاية الجزء الثالث من منية الطالب ) : ٣٧٩ ـ ٣٨٠.
(٣) تقدّم استخراجه في الصفحة : ١٢٨.