لا يكون الرفع في « ما لا يعلمون » رفعاً شرعياً ، فيتسجّل اختلاف السياق.
لأنّا نجيب عنه : بأنّه إذا فرضنا أنّ الشارع جعل احتمال عدم التكليف حجّة في خصوص المعذورية ، كان ذلك عبارة أُخرى عن أنّ الشارع رفع ذلك التكليف الواقعي بمقدار المعذورية في مخالفته ، وإن شئت فقل : بمقدار كون احتمال عدمه حجّة في المعذورية ، فلا يخرج الرفع بذلك عن كونه رفعاً في عالم التشريع إلى كونه رفعاً عقلياً ، ليختلف مع الرفع في باقي التسع ، بل لا يكون الرفع إلاّ رفعاً تشريعياً ، غايته أنّ ذلك الرفع التشريعي للحكم الواقعي الذي لم يعلمه المكلّف لم يكن رفعاً ابتدائياً ، بل كان بواسطة جعل احتمال عدمه حجّة في خصوص المعذورية ، فإنّ هذا المقدار من جعل الحجّية عبارة أُخرى عن رفع ذلك الحكم الواقعي في عالم التشريع ، الذي لا يترتّب عليه إلاّ المعذورية في مخالفته ، من دون أن يكون في البين ترخيص شرعي كي يكون منافياً للحكم الواقعي. نعم بعد فرض جعل ذلك المقدار من الحجّية التي هي عبارة عن رفع التكليف بذلك المقدار ، أعني بمقدار المعذورية في مخالفته ، يكون الترخيص عقلياً لا شرعياً.
وإن شئت فقل : إنّ الرفع لا يكون إلاّكناية عن جعل ذلك المقدار من الحجّية ، ويكون هذا الرفع الشرعي بالنسبة إلى جعل ذلك المقدار من الحجّية أشبه شيء بالحكم التكليفي المنتزع عن الحكم الوضعي ، فإنّ رفع ذلك المقدار من التكليف الواقعي ـ أعني مقدار المعذورية ـ يكون منتزعاً من ذلك الحكم الوضعي ، أعني حجّية احتمال العدم من حيث المعذورية ، فتأمّل لئلاّ تتوهّم عود المحذور في جعل الترخيص وإن كان بتبع جعل الحجّية ، بل إنّ جعل الحجّية يكون علّة للترخيص العقلي ، ويكفي في صحّة كون الترخيص أو رفع الحكم