الأقل والأكثر الارتباطيين بناءً على عدم جريان البراءة العقلية فيها.
لأنّا نقول : يمكن القول بكفاية رفع الاحتياط في إثبات الترخيص الشرعي الذي هو جواز الاقتحام ، لأنّ محصّل رفع الاحتياط والحكم الشرعي بعدم وجوبه هو عدم وجوب التحرّز عن مخالفة ذلك الحكم الواقعي المحتمل ، وذلك عبارة أُخرى عن جواز الاقتحام فيه ، إذ ليس الحديث الشريف مسوقاً لتبرئة الشارع من جريمة جعل الاحتياط ، ليقال إنّه لا دلالة فيه على أزيد من رفع الاحتياط أو عدم جعله ، بل هو مسوق لبيان امتنان الشارع على هذه الأُمّة ، وهو أنّه لم يضيّق عليهم ، ولم يجعل عليهم كلفة الاحتياط والتحرّز عن مخالفة الأحكام الواقعية في مقام الشكّ فيها وعدم العلم بها ، وهذا المعنى يعطي أنّه رخّصهم في مخالفة تلك الأحكام لو كانت موجودة في الواقع.
ولا يخفى أنّ هذا ـ أعني الاحتياج إلى الترخيص وجواز الاقتحام شرعاً ـ مبني على ما قرّره شيخنا قدسسره (١) في كيفية التوفيق بين هذا الحكم الظاهري ـ أعني الترخيص المذكور ـ وبين الحكم الواقعي ، مع الاعتراف بكون الترخيص المذكور ترخيصاً شرعياً ، أمّا بناءً على ما حرّرناه في ذلك المبحث (٢) من أنّ المجعول ليس هو الترخيص ، وأنّ المجعول إنّما هو الحكم الوضعي ، أعني حجّية احتمال عدم التكليف في خصوص الأثر الرابع من آثار القطع الوجداني ، وهو خصوص المعذورية فيما لو أخطأ ، فنحن لا نحتاج إلى الترخيص الشرعي ، لأنّ جعل هذا المقدار من الحجّية كافٍ في الاستغناء عن البراءة العقلية.
ولا يتوجّه علينا : أنّه بناءً على ما ذكرتموه من جعل هذا المقدار من الحجّية
__________________
(١ و ٢) راجع الحاشية المفصّلة المتقدّمة في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣١٢ وما بعدها.