وثانياً : أنّا لو سلّمنا الشهرة أو الإجماع ، فإنّما يكون ذلك من القائلين بالانفتاح من جهة قيام الأدلّة الخاصّة على الطرق الخاصّة ، وهي منحصرة بالطرق القائمة على الحكم الشرعي الفرعي ، فلا تكون تلك الأدلّة الخاصّة شاملة للمسألة الأُصولية ، ولأجل ذلك قالوا بعدم حجّية الظنّ في المسألة الأُصولية ، بل يبقى ذلك الظنّ تحت أصالة حرمة العمل بالظنّ ، ولم يعلم من مذهبهم الفرق بين الفروع والأُصول لو تمّت مقدّمات الانسداد وحكم العقل بكفاية الخروج الظنّي عن عهدة التكاليف الواقعية.
وثالثاً : أنّا لو سلّمنا قيام الإجماع أو الشهرة على ذلك حتّى في حال الانسداد ، لم يمكن الاعتناء بهما في قبال حكم العقل بعدم الفرق بينهما ، فإنّ المسألة حينئذ تكون عقلية ، ولا مجال فيها لحجّية الشهرة والإجماع المنقول.
ورابعاً : أنّه لو تمّت مقدّمات الانسداد وحكم العقل بالتسوية ، كان ذلك مانعاً من حصول الظنّ من الشهرة والإجماع المنقول ، فتخرج بذلك عن إفادة الظنّ بعدم حجّية الظنّ في المسألة الأُصولية.
وخامساً : لو سلّمنا أنّهما مع ذلك يفيدان الظنّ ، كانت المسألة داخلة في الظنّ المانع والظنّ الممنوع ، قال : وقد عرفت أنّ المرجع فيه إلى متابعة الظنّ الأقوى (١).
قلت : وسادساً : أنّ حجّية هذا الظنّ الحاصل من الشهرة والإجماع يلزم من وجودها عدمها ، فلا تكون حجّة ، نظير ما تقدّم (٢) من حجّية خبر الواحد القائم
__________________
(١) فرائد الأُصول ١ : ٥٤٨.
(٢) في المجلّد السادس من هذا الكتاب ص ٤٢٤ ـ ٤٢٥ ، وراجع أيضاً الصفحة : ٤٥٣ ـ ٤٥٤ من المجلّد المذكور.