للاحتياط من الأمرين اللذين أشرنا إليهما في الحاشية السابقة ، وأنّ ذلك ليس على سبيل تعيين الوقت ، كما ذكره الشارح.
ويشهد على ذلك اختلاف مقدار التأخير وظاهر بعض تلك الأخبار ، منه قوله عليهالسلام : « مسّوا بالمغرب قليلا » في الرواية المذكورة في الشرح وفي غيرها ، فظاهر أنّ الإمساء قليلا ليس بحدّ معيّن مضبوط ، بل فيه مسامحة وتوسعة.
ويؤكّد ما ذكرنا ما في الخبر الآخر من التعليل بقوله : « فإنّ الشمس تغيب عندكم قبل أن تغيب عندنا » (١) ، بعد قوله : « مسّوا قليلا » فإنّ مقدار القبلية غير ظاهر أصلا ، مع أنّ التعليل أيضا يومئ إلى عدم الإيجاب والإلزام ، فتأمّل.
ومنه رواية عبد الله بن وضّاح عن الكاظم عليهالسلام أنّه كتب إليه : يتوارى القرص ويقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعا ، ويستر عنّا الشمس ، ويرتفع فوق الجبل حمرة ، أصلّي وأفطر ، أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب عليهالسلام : « أرى لك أن تنظر حتّى تذهب الحمرة ، وتأخذ الحائطة لدينك » (٢) ، وجه الدلالة : طلب الاحتياط لدينه ، مضافا إلى الاكتفاء بذهاب الحمرة التي فوق الجبل ، وفيه إشارة أيضا إلى ما ذكرناه في الحاشية السابقة من أنّ الأمر بالتأخير لتحقّق الغيبوبة بالمرّة.
ومنه رواية جارود وصحيحة بكر بن محمّد اللتان سيذكرهما الشارح رحمهالله وظهر لك أيضا اختلاف مقدار التأخير.
وفي بعض الأخبار ما اكتفوا بذهاب الحمرة المشرقية أيضا ، بل اعتبر
__________________
(١) راجع ص ٣٠٣.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٥٩ / ١٠٣١ ، الوسائل ٤ : ١٧٦ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٤.