النورة والجصّ ـ بل والحجر أيضا ـ عن محالّها فغير معلوم إطلاق لفظ الأرض على القطعة المأخوذة المنفردة عرفا ، ومن هذا قال ابن إدريس بأنّ الجصّ والنورة معدنيان (١) ، فتأمّل.
وفي المختلف ـ بعد أن نقل من الشيخ في النهاية ، والمفيد ، وابن إدريس ، وسلاّر ، المنع من التيمم بالحجر مع وجود التراب ، ومن ابن الجنيد المنع منه مطلقا ـ قال : احتجّ المانع بأنّ المأمور به التيمم بالصعيد ، والصعيد هو التراب ، وإنّما سمّي صعيدا لتصاعدها على وجه الأرض ، فلا يجزي ما عداه. وأجاب بالمنع من عدم الحقيقة في التراب ، فإنّه تراب اكتسب رطوبة لزجة ، وعملت حرارة الشمس فيه حتى تحجّر ، فإذا كانت الحقيقة فيه دخل تحت الأرض ، ولأنّها لو لم تكن باقية لم يكن التيمم بها مجزيا عند فقد التراب ، كالمعدن ، والتالي باطل إجماعا فكذا المقدم (٢). انتهى.
ويظهر منه أنّ سلار ، وابن إدريس ، والشيخ في النهاية شركاء مع المفيد في كون الصعيد هو التراب ، وكذلك ابن الجنيد ، إلاّ أنّه لم يجوّز مطلقا ، والباقون جوّزوا مع فقد التراب ، للإجماع الذي ادعاه ، والعلاّمة أيضا مسلّم كون الصعيد هو التراب ، إلاّ أنّه ادعى عدم خروج الحجر من الحقيقة ، مثل ما ادعوا في الخزف ، كما سيجيء ، وهذا دعوى آخر ، إلاّ أنّ الصعيد ليس لغة اسم التراب بل هو أعم ، ولذا قال في الجواب : إنّه لغة هو الأرض ، وما تمسك بقول لغوي في ذلك ، وهذا ينادي بأنّه لم يكن معتقدا بأنّه لغة اسم الأرض ، وأنّ لغويا قال كذلك.
__________________
(١) السرائر ١ : ١٣٧.
(٢) المختلف ١ : ٢٦٠ ، ٢٦١.