قلت : فَلِمَ قلت : إن السمع والبصر ليسا من صفات الأجسام ، وحينئذٍ يعود البحث المذكورر » (١).
وقال ابن القيّم :
« ومن ظنّ به تعالى ـ أنه يضيع عليه عمله الصالح الذي عمله خالصاً لوجهه الكريم على امتثال أمره ، ويبطله عليه بلا سبب من العبد ، أو أنه يعاقبهُ بما لا صنع فيه ولا اختيار لهُ ، ولا قدرة ، ولا ارادة في حصوله ، بل يعاقبه على فعله هو سبحانه به ، أو ظنّ به أنه يجوز عليه أن يؤيّد أعدائه الكاذبين عليه ، بالمعجزات التي يؤيّد بها أنبيائه ورسله ويجريها على أيديهم يضلّون بها عباده ، وأنه يحسن منه كلّ شيء ، حتى يعذب من أفنى عرمه في طاعته فيخلده في الجحيم أسفل السافلين ، وينعم من استنفذ عمره في عدواته وعداوة رسله ودينه فيرفعهُ إلى أعلى علّيين ، وكلا الأمرين عنده في الحسن سواء ، ولا يعرف امتناع أحدهما ووقوع الآخر إلاّبخبر صادق ، وإلاّ فالعقل لا يقضي بقبح أحدهما وحسن الآخر ـ فقد ظنّ به ظنّ السوء » (٢).
وقال كمال الدين السهالي (٣) :
« إن حسن الأفعال وقبحها عقلي ، على المذهب المنصور ، وهو مذهب أبي منصور الماتريدي ، بناءً على بطلان الترجيح بلا مرجّح ، وإن جعل بعض الأفعال مناطاً للثواب والمدح والبعض الآخر مناطاً للعقاب والذم بلا موجب مرجّح من ذاتها مستحيل قطعاً ، والصانع الحكيم لا يرجّح المرجوح بل المساوي : وبالجملة : حكمة الأمر قاضية بأنّ تخصيصات الأفعال بثمراتها لابدّ لها من مرجح من ذواتها ، وقد بيّن في موضعه.
__________________
(١) المحصل: ٢٤٨ ـ ٢٤٩.
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد ٣ / ٢٠٠.
(٣) من علماء الهند ، له مصنّفات : توفي سنة ١١٧٥.