وقال أحمد بن عبد القادر العجيلي :
« وأما الولاية الهارونية فإنّه خلّفه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في غزوة تبوك فقال : يا رسول الله ، تخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال : أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي ، لا ينبغي أنْ أذهب إلاّوأنت خليفتي. رواه ابن عباس. وفي ذلك إشارات وسيأتي بعضها » (١).
أقول :
أليست هذه منقبة جليلة ومرتبة رفيعة خاصّة بأمير المؤمنين ولا يشاركه فيها إلاّ النبي صلّى الله عليهما وآلهما؟
إنّ هذه السياقة دليل آخر على بطلان مزاعم النّواصب ، وخرافات الذين تبعوهم ، في مقام ردّ الإستدلال بهذا الحديث الشريف ...
ولا يخفى دلالته على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام وخلافته عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأن « أن أذهب » في قوة « ذهابي » وهو اسم جنس مضاف ، وقد عرفت أنّ اسم الجنس الجائز منه الإستثناء قطعاً من ألفاظ العموم ... و « الذهاب إلى الربّ » فرد من الأفراد ، فأمير المؤمنين عليهالسلام هو الخليفة بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلى فرض تقييد هذا « الذهاب » بزمن الخروج إلى غزوة تبوك ، فلا كلام في دلالته حينئذٍ على الأفضلية ، والأفضلية مستلزمة للإمامة والخلافة العامة (٢).
__________________
(١) ذخيرة المآل ـ شرح عقد جواهر اللآل ـ مخطوط.
(٢) وقد بحثنا عن هذا الحديث بشيء من التفصيل في محلق حديث الولاية ، في الجزء ١٦ من كتابنا ، فراجعه.