إذا كان يجوز على الأنبياء ما يوجب الإهانة والحقارة والمذلَّة لهم ، ويستلزم تنفّر الطباع وابتعادها عنهم ، فأيّ أثر لبعثهم؟ وأيّ فائدةٍ للشرائع التي يبعثون بها؟ فانظر إلى أيّ حدٍّ يصل بالقوم إصرارهم على إنكار فضائل أمير المؤمنين وتكذيبها!! إن العجز عن ردّ تلك الفضائل يلجؤهم إلى نسبة العيب والنقص إلى الأنبياء!! وإنّ الإلتزام بهذه الطامّات عندهم أسهل وأفضل من الإعتراف بفضل أمير المؤمنين!! إنّ كلّ هذه الأباطيل حول خلافة هارون ، وكلّ تلك الإفتراءات على هارون نفسه ، لأجل إبطال خلافة أمير المؤمنين المشبَّهة بخلافة هارون عن موسى؟!
فتسعاً لهؤلاء! كيف قادتهم العصبيّة إلى النار؟ واختاروا النار على الإقرار؟!
لقد نصّ شاه ولي الله الدهلوي في ( إزالة الخفا ) على وجوب اشتراك الخليفة مع النبي في جدّ الأعلى ، كي لا ينظر الناس إلى الخليفة بعين التحقير ...
ونصّ ابن القيّم على وجوب نزاهة النبيّ من أن يكون له خائنة الأعين قال : « أي إن النبي لا يخالف ظاهره باطنه ولا سرّه علانيته ، وإذا نفذ حكم الله وأمره لم يُومِ به ، بل صرّح وأعلنه » (١).
ونصّ ابن الهمام وابن أبي شريف على وجوب سلامة النبي من كلّ نقصٍ ومنفر. وهذا كلام ابن الهمام بشرح ابن أبي شريف :
« شرط النبوّة الذكورة ، لأنّ الانوثة وصف نقص.
وكونه أكمل أهل زمانه عقلاً وخلقاً. بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام. حال الإرسال. وأما عقدة لسان السيد موسى عليهالسلام قبل الإرسال فقد
__________________
(١) زاد المعاد في هدي خير العباد ٣ / ٤٠١.