المقام ما لا يخفى ، فمن الذي يوازي أجره أجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى يقال بأنها فضائل عامّة مشتركة؟ وكيف يكون الإستخلاف في تلك الواقعة دليلاً على النقص والعيب والفساد العظيم ... والحال أنّ أجره مثل أجر رسول الله؟ وهل بعد هذا الحديث قيمة لهفوات النواصب وسخافات المعاندين؟
وعلى الجملة ، فهذا الحديث وجه آخر من وجوه دلالة حديث المنزلة على الأفضليّة وتعيّن الخلافة لأمير المؤمنين عليهالسلام ... لأن مقتضى المماثلة مع رسول الله في الأجر أنْ يكون أجره ـ عليهالسلام ـ أكثر من أجر جميع الخلائق ، والأكثرية في الأجر والثواب عين الأفضلية ، كما لا يخفى على اولي الألباب.
فالعجب من هؤلاء النواصب ... يقول الرسول له : إنْ أقام يكون له من الأجر مثل أجره ... ويقولون : إقامته في المدينة واستخلاف النبيّ إيّاه أضعف وأوهن من سائر الإستخلافات ، وأنه يدل على نقصٍ وعيبٍ فيه ، وعلى حصول فتنة عظيمة وفسادٍ كبير بسببه!!
والخلعي الراوي لهذا الحديث ، من كبار الفقهاء والمحدّثين ، فقد وصفه الذهبي ب « الإمام الفقيه القدوة مسند الديار المصرية » (١) ووصفه بالدين والعبادة وعلوّ الإسناد (٢). والأسنوي قال : « فقيه صالح ، له كرامات ، وكان أعلى أهل مصر إسناداً » (١). وذكره ابن خلكان بقوله :
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٩ / ٧٤.
(٢) العبر ٢ / ٣٦٦.
(٣) طبقات الشافعية ١ / ٢٣٠ رقم ٤٣٠.