الجهة واختلاف الماهية بحسب المفهوم كالصلاة فى الدار المغصوبة حال ضيق الوقت ، مع ان احدا لا يلتزم بذلك ، ودعوى انّ عدم الاجتماع هنا مستند الى قبح التكليف بالفعل والترك عينا لا الى اجتماع الضدين مدفوعة بانّ منشأ القبح ليس إلّا كونه تكليفا بالمحال ، ولا سبب للاستحالة الا كون المكلف به جامعا بين الضدين ، فلو لا كان الامر والنهى بشيء من جهتين مستلزما لاجتماع الضدّين فى ذلك الشيء لما قبح التكليف بالفعل والترك معا اذ لا يتصور وجه للاستحالة الّا ذلك.
الثالث ـ من ادلة الجواز هو التمسّك والتشبّث بدليل العرف بادعاء انّ العبد اذا اتى بالمامور به فى ضمن الفرد المحرم عدّ مطيعا من جهة وعاصيا من اخرى ، فلو لا كان اجتماع الامر والنهى بمعنى كون الشيء الواحد واجبا وحراما باعتبار ماهيتين مختلفتين جائزا ، لكان امّا عاصيا ان قيل بانتفاء الامر او مطيعا ان قيل بانتفاء النهى ، او لا عاصيا ولا مطيعا ، لان الاطاعة لا يحصل إلّا بفعل المامور به ، والعصيان لا يتحقق الّا بارتكاب المنهى عنه.
وقد مثل الحاجبى والعضدى له اذا امر المولى عبده بخياطة ثوب فخاطه فى المكان المنهى عنه قائلا بانّ هذا العبد مطيع من جهة الامتثال لامر الخياطة وعاص من جهة مخالفة النهى ، ولعل التمثيل هذا منزل على ما اذا كان المنهى عنه هو التصرف فى هواء المكان والّا لكان من امثلة اجتماع الامر والنهى فى شيء واحد موردا لا مصداقا كقراءة القرآن فى المكان المغصوب الذى هوائه مباح وكان خارجا عن محل البحث الّذى هو اجتماع المصداقى كما لا يخفى.