الكلام في الآية إن حملت (إِنْ) على معنى : [نعم إن هذا لساحران (١) ، كما تقول] : نعم لهذان ساحران ، ونعم لمحمد رسول الله ، وفي تأخر اللام مع لفظ (إِنْ) بعض القوة على «نعم». وقيل : إنّ المبهم لمّا لم يظهر فيه إعراب في الواحد ، ولا في الجمع ، جرت التثنية على ذلك ، فأتى بالألف على كل حال. وقيل : الهاء مضمرة مع (إِنْ) وتقديره : إنّه هذان لساحران ، كما تقول : إنّه زيد منطلق ، وهو قول حسن ، لو لا دخول اللام في الخبر فيبعد ذلك ؛ [لأنها معلقة بالنون أو بالابتداء](٢).
فأمّا من خفف (٣) (إِنْ) فهي قراءة حسنة ، لأنّه أصلح الإعراب ، ولم يخالف الخطّ ، لكن دخول اللام في الخبر يعترضه على مذهب سيبويه ؛ لأنه يجعلها مخففة من الثقيلة ، ارتفع ما بعدها بالابتداء والخبر ؛ لنقص بنائها ، فرجع ما بعدها إلى أصله ؛ واللام لا تدخل في خبر ابتداء أتى على أصله ، إلا في شعر على ما ذكرنا. فأما على مذهب الكوفيين فهو من أحسن شيء ، لأنهم يقدّرون «إن» الخفيفة بمعنى «ما» واللام بمعنى «إلّا» ، فتقدير الكلام عندهم : ما هذان إلّا ساحران ، فلا خلل في هذا التقدير ، إلّا ما ادّعوا (٤) أنّ «اللام» تأتي بمعنى «إلا» ، [وأنكر ذلك البصريون](٥).
١٤٤٠ ـ قوله تعالى : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) ـ ٦٦ ـ من قرأ (يُخَيَّلُ) بالياء جعل «أنّ» في موضع رفع ، لأنه مفعول لم يسمّ فاعله ل (يُخَيَّلُ). ومن قرأ «تخيل» بالتاء ، وهو ابن ذكوان (٦) ، فإنه جعل «أن»
__________________
(١) في(ق) : «نعم إن لهذان ساحران».
(٢) زيادة في الأصل.
(٣) وهي قراءة ابن كثير وحفص ، وقرأ الباقون بتشديد النون. التيسير ص ١٥١ ؛ والنشر ٣٠٨/٢.
(٤) في(ظ) : «ادعوه».
(٥) زيادة في الأصل ، وانظر : الكشف ٩٩/٢ ؛ والبيان ١٤٤/٢ ؛ والعكبري ٦٧/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢١٦/١١.
(٦) وقرأ به أيضا روح ، وقرأ الباقون بالياء. التيسير ص ١٥٢ ؛ والنشر ٣٠٨/٢ ؛ ونسبت قراءة التاء إلى الحسن والثقفي كما في المحتسب ٥٥/٢.