فأصله : بئس ، على «فعل» ثم أسكن الهمزة ، لغة في حرف الحلق إذا كان عينا (١) ، بعد أن كسر الباء ، للهمزة المكسورة (٢) على الاتباع ، كما يقولون في «شهد» : شهد وشهد ، ثم أبدل الهمزة ياء. وقيل : إنه فعل [ماض] نقل إلى التسمية (٣) ، ثم وصف به ، مثل ما روي عن النبي عليهالسلام ، أنه قال : (٤) «إنّ الله ينهاكم عن قيل وقال» فنقل : «قيل» إلى الأسماء ، فدخل عليه ما يدخل على الأسماء من الحروف ، فأصل الياء همزة ، وأصله «بئس» مثل علم ، ثم كسرت الباء للإتباع ، وأسكن الهمزة على لغة من قال في «علم» : علم ، ثم خفف الهمزة ، وأبدل منها ياء. فأما قراءة من قرأ بالهمز (٥) ، على وزن «فعيل» فإنه جعله مصدر : بئس بئيسا ، [وحكى أبو زيد : (٦) بئس يبأس بئيسا] ، فهو مثل النذير والنكير ، مصدران ، والتقدير على هذا : بعذاب ذي بئس ، أي ذي بؤس ؛ [إذ لا يخبر عن العذاب بالمصدر ، لأنه غيره ، لا تقول : عذاب بؤس ، إلا على تقدير : ذي بؤس ، فجئت ب «ذي» ليصح الخبر ، كما تقول : هي إقبال وإدبار ، أي ذات إقبال وإدبار](٧). فأما من قرأه (٨) على «فيعل» [بيأس](٩) ، فإنه جعله صفة للعذاب ، مثل : رجل ضيغم. وقد روي عن عاصم (١٠) كسر الهمزة
__________________
(١) في الأصل «ثم أسكن الهمزة لحرف الحلق إذ كان عينا».
(٢) في(ح ، ظ ، ق ، د) : «لكسرة الهمزة».
(٣) أي إلى الاسمية.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه في الزكاة : باب قول اللّه تعالى : (لاٰ يَسْئَلُونَ النّٰاسَ إِلْحٰافاً) ، وفي الاستقراض : باب ما ينهى عن إضاعة المال ، وفي الأدب : باب عقوق الوالدين من الكبائر. انظر : فتح الباري ، ٣٤٠/١٠.
(٥) قرأ بالهمز(بئس)أبو عمرو وحمزة والكسائي. تفسير القرطبي ٣٠٨/٧.
(٦) كتاب الهمز ، ص ٧.
(٧) زيادة في الأصل.
(٨) وهي قراءة ابن عباس وأبي بكر عن عاصم والأعمش ، على وزن ضيغم. البحر المحيط ٤١٣/٤.
(٩) زيادة في الأصل.
(١٠) هو نصر بن عاصم. كما في البحر المحيط ٤١٣/٤ ؛ وفي تفسير القرطبي ـ