( مسألة ٣ ) : يشترط في المنوب عنه الإسلام ، فلا تصح النيابة عن الكافر [١]. لا لعدم انتفاعه بالعمل عنه ، لمنعه وإمكان دعوى انتفاعه بالتخفيف في عقابه [٢] ،
______________________________________________________
[١] إجماعاً محققاً ، وفي المدارك : « لا ريب فيه ». واستدل له : بأن الكافر يستحق في الآخرة الخزي والعقاب ، لا الأجر والثواب ، وهما من لوازم صحة الفعل. وأيده بقوله تعالى : ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى .. ) (١) ، وقوله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى ) ، (٢) خرج منه القضاء عن المؤمن بالنص والإجماع ، فيبقى الباقي.
أقول : الاستحقاق في الآخرة للخزي والعقاب ـ من جهة الكفر ـ لا ينافي استحقاق الثواب من جهة فعل العبادة عنه ، كما في المسلم الفاسق. وأيضاً : فإن النيابة عنه ليست استغفاراً. وعموم قوله تعالى ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى ) مقيد بما دل على صحة النيابة.
[٢] يكفي في صحة النيابة عنه إمكان انتفاعه بها من جهة عدم العقاب على ترك الحج ، فان كان المقصود من عدم انتفاعه ذلك فهو أول الكلام ، وإن كان عدم فعلية الثواب ، أو تخفيف العقاب الثابت من جهة الكفر ، فتسليمه لا يثبت المطلوب. وبالجملة : يكفي في صحة النيابة عدم استحقاق العقاب على ترك المنوب فيه ، وليس في الأدلة المذكورة في كلماتهم انتفاء ذلك.
واستدل عليه في كشف اللثام : بأن فعل النائب تابع لفعل المنوب في الصحة ، لقيامه مقامه ، فكما لا يصح منه لا يصح من نائبه.
__________________
(١) التوبة : ١١٣.
(٢) النجم : ٣٩.