وكتاب «التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدّجّال والمسيح» للشوكاني ، مطبوع في الهند ، وقد نقل منه صديق خان جملة صالحة في كتابه «الإذاعة لما كان وما يكون من أشراط الساعة» ، وهو أيضا مطبوع في الهند ، وهما ممن أقرّ لهم كاتب المقال بالإمامة والقدوة ، بل هما من أئمة هذا الشّاذّ.
وليس إلى مثل الكاتب المتهجم التحدّث عن مراتب الحديث ، وله رجال وللتشغيب رجال. ورمي من أجاد جمع الأحاديث الواردة في نزول عيسى عليهالسلام ، ونفع الأمة بعلمه ، بالتمويه والرّكض وراء الارتزاق ، مما لا يصدر من حرّ سلم قلبه من الدّغل.
ومما يقضى منه العجب أن يرمى ممّن خرق الإجماع وفارق الجماعة في المسألة : من ناصر معتقد جماعة المسلمين بالمكابرة والعناد والإصرار على التضليل!! ، ولا شك أنّ من عنده شيء من الوازع الدّيني أو الزاجر الخلقي ، يربأ بنفسه أن يقف في مثل هذا الموقف.
ثم لما رأى الكاتب انهزامه من كل جانب ، وتضييق الأدلة الخانقة لخناقه أراد أن يسلك في المسألة ما سلكه في تأويل الشيطان فيما سبق! فقال : «إنّ حديث النزول ليس بمحكم ، لا يحتمل التأويل حتى يكون قطعيّ الدلالة». والمحكم لا يمتاز عن أخواته من أقسام الوضوح إلا بعدم احتماله للنسخ ، وأما الخبر فلا يحتمل النسخ ، فيكون الظاهر والنصّ في هذا الموضوع في حكم المحكم.
وأما احتمال التأويل فاحتمال خياليّ لم ينشأ من دليل ، فلا يخلّ بكون الدليل قطعيّ الدلالة كما سبق بيانه مرات ، قال الغزالي في «المستصفى» ١ : ٣٥٧ «أما الاحتمال الذي لا يعضده دليل ، فلا يخرج اللفظ عن كونه نصّا» ، ومثله في «التلويح» و «مرآة الأصول» وغيرها.
ثم قال الكاتب : «فقد تناولتها أفهام العلماء قديما وحديثا ، ولم يجدوا مانعا من تأويلها».
لكن لا يوجد بين علماء أهل الحق من يؤوّل النصوص ما لم تستحل معانيها الظاهرة ، ولذا تجد في كتب أهل الحق النصّ على أنّ «النصوص تحمل على ظواهرها ، والعدول عنها إلى معان يدّعيها أهل الباطن إلحاد وكفر ، وردّ النصوص كفر».