تعالى ، لا من حيث الصورة والحسن. فإذا صحّ هذا جئنا إلى أفعاله تعالى وإرادته وأمره ونهيه ، فوجدناه ليس فوقه تعالى آمر يأمره ولا ناه ينهاه ، فصحّ أن جميع أفعاله وأمره ونهيه حسن على كل حال لا يتصف بغير ذلك ، فاعلم هذه الجملة توفّق إن شاء الله تعالى وفّقنا الله وإياكم وجميع المسلمين.
* * *
الشفاعة
اعلم أن أهل السنة والجماعة أجمعوا على صحة الشفاعة منه صلىاللهعليهوسلم لأهل الكبائر من هذه الأمة ، وقد قدّمنا المسألة وذكرنا الأخبار الواردة في الشفاعة أصلا ورأسا.
واعلم أن المعتزلة افترقت فرقتين ؛ فقوم منهم أنكروا الشفاعة أصلا ورأسا ، وردّوا الأخبار الصحيحة الواردة فيها وما دلّ عليه القرآن من ذلك. وقالت الفرقة الثانية : إن للأنبياء شفاعة ، وللملائكة ، لكن لثلاث فرق من المؤمنين.
فرقة منهم : أصحاب صغائر وليست لهم كبيرة من الذنوب. والفرقة الثانية : قوم عملوا الكبائر وتابوا منها وندموا عليها. والفرقة الثالثة : قوم من المؤمنين لم يعملوا ذنبا أصلا. فأما صاحب الكبيرة الذي مات من غير توبة فلا شفاعة له عندهم ، وكلا القولين باطل.
أما الفرقة الأولى : فجحدت صحة الأخبار الصحاح ؛ وأما الفرقة الثانية : فذهبت إلى محال من القول ، لأن الشفاعة عندهم فيمن لم يعمل كبيرة أو عمل وتاب لا معنى لها ، لأنها تكون بمعنى أن الشافع يقول : يا رب لا تظلم عبادك. فإنك قد وعدت أنك تغفر الصغائر مع اجتناب الكبائر ؛ وكذلك التائب من الكبيرة لا تظلمه ، فإنك قد وعدت بقبول التوبة ، والله أجل وأعلى من أن يسأل ويشفع إليه بظلم ، فبطل قولهم.
وأما من لم يذنب أصلا فعلى خبث عقدهم أنه قد وجب له على الله الثواب ، والجنة ، والنعيم المقيم ، فما معنى هذه الشفاعة له. فلم يبق إلا أنهم عاندوا الحق وضلّوا السبيل واستحوذ عليهم وسوسة المردة والشياطين ، حتى ردّوا القرآن والسنة وإجماع الأمة ، فنعوذ بالله منهم ومن خبث عقدهم.
فإن قالت هذه الفرقة الأخيرة منهم : تكون الشفاعة لمن ذكرنا من الثلاث فرق شفاعة في الثواب ، قلنا : وهذا ضلال أيضا ، لأن القرآن إنما نطق بشفاعة الملائكة في