جوابه : إن القلب متوجه إلى الرب العالي قدرا وقهرا على كل شيء والإشارة إلى جهة العلو التي هي محل ملكه وسلطانه وملائكته والعليين عن خلقه ، وقبلة دعائه ومنزل وحيه وهكذا رفع (١) الأيدي في الدعاء.
فصل
قال : «وثاني عشرها وصفه تعالى بالظاهر وفسر في الحديث (أنت الظاهر فليس فوقك شيء)».
يقال لهذا المدبر إن كان الظاهر يقتضي الفوقية الحسية فاسم الباطن يقتضي التحتية الحسية ـ تعالى الله.
فصل
دعوى الناظم في الرؤية بدون مقابلة
قال : «وثالث عشرها إخباره أنا نراه في الجنة وهل نراه إلا من فوقنا (٢) ودعوى
__________________
ـ كيف يشاء في أثناء خطبته. وجعل ذلك حجة في شيء لا يصدر إلا ممن في قلبه مرض على أن الأرض كرية فالواقف في شرق الأرض تكون أخمصه في مقابلة أخمص الواقف في غرب الأرض ، ومن ضرورة ذلك أن يكون سمتا رأسيهما إلى جهتين متعاكستين فتكون إشارة أحدهما إلى جهة تعاكس الجهة التي يشير إليها الآخر ، وهكذا ، وكرية الأرض منصوصة في الكتاب والسنة كما في فصل ابن حزم والمنكر لذلك ليس بمنكر لقول أهل الهيئة فقط ، ولا للمحسوس فقط. ونسي الناظم الاستدلال في هذا الصدد بالإشارة في التشهد؟!
(١) ورفع الأيدي إلى السماء لأجل أن السماء منزل البركات والخيرات لأن الأنوار إنما تنزل منها والأمطار ، وإذا ألف الإنسان حصول الخيرات من جانب مال طبعه إليه فهذا المعنى هو الذي أوجب رفع الأيدي إلى السماء وقال الله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢)) [الذّاريات : ٢٢] ذكره ابن جهبل فيما رد به على العقيدة الحموية لابن تيمية وهذا الرد يحق أن يكتب بماء الذهب ، ومن حاول الرد عليه من الحشوية فقد وقع على أم رأسه وكتاب ابن جهبل حقه أن يفرد بالطبع من طبقات ابن السبكي ـ ونسخة مخطوطة من كتاب ابن جهبل هذا توجد بمكتبة (لاله لى) باسطنبول.
(٢) قال : «إذ رؤية لا في مقابلة من الرائي محال ليس في الإمكان». وهذا صريح في أنه لا يرى رؤية لا يكون المرئي فيها في مقابلة الرائي فلا يكون أصرح من هذا في القول بالتجسيم ومن جملة ما يهذي به الناظم في شفاء العليل (١٥٩) : «كيف يصح عند ذي عقل ، مرئي يرى بالأبصار عيانا لا فوق الرائي ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن شماله ولا خلفه ولا أمامه» اه وهذا مثل ما هنا وهو من أبعد الناس عن نفي الرؤية فيكون مجسما صريحا ، ورؤية الله كما يرى القمر في ليلة البدر يقول عنها ابن قتيبة في (الاختلاف في اللفظ) لم يقع التشبيه فيها على