اللفظ الذي في البخاري (فينادي بصوت) وهذا محتمل لأن يكون الدال مفتوحة والفعل لم يسم فاعله وأن يكون مكسورة فيكون المنادي هو الله تعالى فنقله عن البخاري نداء الله ليس بصحيح ، والعدالة في النقل أن ينقل المحتمل محتملا ، وإذا ثبت أن الدال مكسورة فلم يقول إن الصوت منه؟ فقد يكون من بعض ملائكته أو من يشاء الله.
ثم قال : «أيصح في عقل وفي نقل (١) نداء ليس مسموعا لنا».
أما العقل فلا مدخل له في ذلك وأما النقل فقد قال تعالى : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣)) [مريم : ٣].
ثم قال : «والله موصوف بذاك حقيقة هذا الحديث ومحكم القرآن».
ليس في الحديث ومحكم القرآن أنه حقيقة.
قال : «ورواه عندكم البخاري المجسم بل رواه مجسم فوقاني».
هذا بهت لنا في أن البخاري مجسم عندنا والله ما اعتقدنا فيه ذلك ولا في أحمد الذي عناه بالفوقاني ولكن هذا بهت لنا وإساءة على البخاري ومن فوقه.
ثم قال : «واذكر حديثا لابن مسعود صريحا إنه ذو أحرف».
هو حديث في الترمذي : من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة وقال حسن صحيح ووقفه بعضهم على ابن مسعود ، وعلى كل تقدير الحرف في قراءة القارئ ، وقد تقدم من هذا الناظم أن الصوت فعل القارئ فلا وجه لاحتجاجه هنا ، ولابن مسعود حديث آخر أنه على سبعة أحرف ، والمراد نزوله بها ثم قال : «وانظر إلى السور التي افتتحت بأحرفها لم يأت قط بسورة إلا أتى في أثرها خبر عن القرآن».
هذا منتقض بسورة «كهيعص» والعنكبوت والروم و «ن».
فصل
قال : «إنه يلزم من نفي صفة الكلام نفي الرسالة» (٢).
__________________
(١) النداء طلب الإقبال عند النحاة واللغويين فيجري مجرى القول وكم في الكتاب والسنة مما يدل على القول والكلام بدون صوت كما نسرد بعض ذلك عند التدليل على الكلام النفسي وقول صاحب القاموس : النداء الصوت تسامح منه ، وكم له من مسامحات معروفة عند أهل العلم.
(٢) وقد نصّ الله سبحانه على أن تكليم الله سبحانه منحصر في الوحي إلى القلب وإرسال ملك يبلغ كلامه ، والكلام وراء حجاب وليس في واحد منها صوت للمكلم سبحانه فمن أين يلزم