وقد سبقه إليه إمام دار الهجرة نجم العلماء أمير المؤمنين في الحديث ، عالم المدينة أبو عبد الله مالك بن أنس حكى ذلك الفقيه الإمام العلامة قاضي قضاة الإسكندرية ناصر الدين بن المنير المالكي (١) الفقيه المفسر النحوي الأصولي الخطيب الأديب البارع في علوم كثيرة في كتابه (المقتفي في شرف المصطفى) لما تكلم على الجهة وقرر نفيها ، قال : ولهذا المعنى أشار مالك رحمهالله في قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا تفضلوني على يونس بن متى» فقال مالك : إنما خص يونس للتنبيه على التنزيه لأنه صلىاللهعليهوسلم رفع إلى العرش ، ويونس عليهالسلام هبط إلى قابوس البحر ، ونسبتهما مع ذلك من حيث الجهة إلى الحق جلّ جلاله نسبة واحدة! ولو كان الفضل بالمكان لكان عليه الصلاة والسلام أقرب من يونس بن متى وأفضل مكانا ، ولما نهى عن ذلك. ثم أخذ الفقيه ناصر الدين يبدي أن الفضل بالمكانة لأن العرش في الرفيق الأعلى ، فهو أفضل من السفل ، فالفضل بالمكانة لا بالمكان ، فانظر أن مالكا رضي الله عنه ـ وناهيك به ـ قد فسر الحديث بما قال هذا المتخلف النحس ، إنه إلحاد ، فهو الملحد عليه لعنة الله (٢) ما أوقحه وما أكثر تجرأه؟! أخزاه الله.
فصل
الفوقية الحسية ... إلخ
ثم قال :
وأتى فريق ثم قارب وصفه |
|
هذا وزاد عليه في الميزان |
قال اسمعوا يا قوم لا تلهيكم |
|
هذي الأماني هن شر أماني |
أتعبت راحلتي وفتشت ، ما دلني أحد عليه إلا طوائف بالحديث تمسكت تعزى
__________________
(١) صاحب «البحر الكبير في نخب التفسير» الذي يقول عنه بعض المحققين إنه لم يؤلف في التفسير مثله وهو من مفاخر المالكية في القرن السابع بل من مفاخر علماء الإسلام طرا ، ويوجد بدار الكتب المصرية جزء من هذا التفسير وكتابه المقتفي يتوسع في بيان الإسراء.
(٢) ترى المؤلف على ورعه البالغ يستنزل اللعنات على الناظم في كثير من مواضع هذا الكتاب ، وهو يستحق تلك اللعنات من حيث خروجه على معتقد المسلمين بتلك المخازي ، لكن الخاتمة مجهولة ، فالأولى كف اللسان الآن عن اللعن. وأما استنزل المؤلف اللعنة عليه فكان في حياة الناظم وهو يمضي على زيغه وإضلاله عامله الله بعدله.