ثم قال ما معناه : «إن اللفظ يطلق على المصدر ويطلق على الملفوظ وألفاظ العباد كذلك ، فالأول مخلوق والثاني (١) غير مخلوق وهو القرآن وعلى ذلك حمل كلام أحمد (٢) والبخاري».
الكلام اللفظي
قلنا أما المصدر فمخلوق بلا شك (٣) وهو فعل العبد وأما الملفوظ من فم العبد فهو الصوت الخارج منه ، المخلوق لله تعالى ، وقولنا له كلام الله كما يقال إذا قرأ المحدث (إنما الأعمال بالنيات) هذا كلام النبي صلىاللهعليهوسلم وإذ قرئ كتاب ملك علينا نقول هذا كتاب الملك.
فصل
قال : في مقالة الفلاسفة والقرامطة :
هذا لا يتعلق بنا فعليهم غضب الله ، ولكن غرضه أن يخلط الحق بالباطل حتى يروج (٤) الباطل.
__________________
(١) يعني الملفوظ ، فإن كان يريد وجوده العلمي في علم الله فقدمه بهذا الاعتبار موضع اتفاق ، وإن كان يريد الصوت الصادر من فم اللافظ فهو حادث قطعا ، وأنى يتصور القدم لعرض محسوس المبدأ والمقطع ومذهب الناظم اعتبار كلام الله صوتا صادرا من الله حادثا شخصا قديما نوعا ، تعالى الله عن ذلك. ولم يقل به أحد قبل شيخ الناظم وتابعه الناظم المسكين كما يظهر من مواضع في هذا الكتاب فقوله (والثاني غير مخلوق) لا يصح بالنظر إلى الصوت وهو ظاهر والله سبحانه هو الهادي.
الخلاف بين أحمد والبخاري في اللفظ
(٢) والمعروف بين أهل العلم أن البخاري كان يقول بحدوث اللفظ ـ يعني لفظ التالي الدال دون تعرض للمعنى المدلول عليه وضعا أو عقلا ـ وأحمد يبدع من يقول ذلك وتبديع هذا وقول ذاك متواردان على شيء واحد ، والحق مع البخاري في تلك المسألة وإن كان الذهلي وأصحابه جميعا هجروه على ذلك ، راجع كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم وليس بقليل بين أهل العلم الذين يقولون بأن المعنى المصدري أمر نسبي من قبيل الحال فعندهم أن اللافظ هو العبد وهو مخلوق الله والملفوظ هو الصوت المكيف الخارج من فم العبد وهو مخلوق الله تعالى أيضا واللفظ بالمعنى المصدري نسبة بين اللافظ والملفوظ فلا يتعلق به الخلق عندهم وقول الناظم والمصنف بخلقه على مذهب نفاة الحال. وتفصيل هذا البحث فيما كتبناه على الاختلاف في اللفظ.
(٣) يعني عند نفاة الحال ، راجع شرح المواقف.
(٤) هل يعد من علماء الإسلام بل من عامة المسلمين من يروج الباطل هو يعلم أنه باطل؟.