لأحمد (١) إن كان تجسيما ، فإن مجاهدا هو شيخهم بل شيخه الفوقاني ولقد أتى ذكر الجلوس به».
هذه الأحاديث كلها قد ذكرها الأئمة وذكروا تأويلاتها من قديم الزمان وإلى الآن.
فصل
بحث ممتع في التأويل
في جناية التأويل (٢) على ما جاء به الرسول.
__________________
(١) مروي عنه بطرق ضعيفة وتفسيره بالشفاعة متواتر معنى عن النبي صلىاللهعليهوسلم فأنى يناهضه قول تابعي على تقدير ثبوته عنه؟ ومن يقول إن الله سبحانه قد أخلى مكانا للنبي صلىاللهعليهوسلم في عرشه فيقعده عليه في جنب ذاته فلا نشك في زيغه وضلاله واختلال عقله رغم تقول جماعة البربهارية من الحشوية وكم آذوا ابن جرير حتى أدخل في تفسيره بعض شيء من ذلك مع أنه القائل :
سبحان من ليس له أنيس |
|
ولا له في عرشه جليس |
ولو ورد مثل ذلك بسند صحيح لردّ وعد أن هذا سند مركب فكيف وهو لم يرفع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أصلا بل نسب إلى مجاهد بن جبر ، نعم لا مانع من أن يكون الله سبحانه يقعده على عرش أعده لرسوله صلىاللهعليهوسلم في القيامة إظهارا لمنزلته لا أنه يقعد ويقعده في جنبه ، تعالى الله عن ذلك. إذ هو محال يرد بمثله خبر الآحاد على تقدير وروده مرفوعا فكيف ولم يرد ذلك في المرفوع حتى قال الذهبي : لم يثبت في قعود نبينا صلىاللهعليهوسلم على العرش نص بل في الباب حديث واه. وقال أيضا : ويروى مرفوعا وهو باطل. فما ذكره ابن عطية من التأويل وسايره الآلوسي فليس في محله لأن أصحاب الاستقراء لم يجدوه مرفوعا حتى نحتاج إلى محاولة التأويل بما يمجه الذوق ومن ظن أنه يوجد في مسند الفردوس ما يصح في ذلك لم يعرف الديلمي ولا مسنده وأرسل الكلام جزافا. جزى الله الواحدي خيرا حيث ردّ تلك الأخلوقة ردا مشبعا وكذا ابن المعلم القرشي وأما ما يروى عن أبي داود أنه قال من أنكر هذا الحديث فهو عندنا متهم. فبطريق النقاش صاحب شفاء الصدور وهو كذاب عند أهل النقد وقال ابن عبد البر إن لمجاهد قولين مهجورين عند أهل العلم أحدهما تأويل المقام المحمود بهذا الإجلاس والثاني تأويل (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)) [القيامة : ٢٣] بانتظار الثواب. وفتنة أبي محمد البربهاري ببغداد في الإقعاد وصمة عار يأبى أهل الدين أن يميلوا إليها لاستحالة ذلك وتضافر الأدلة على تفسير المقام المحمود بالشفاعة وإنما هذه الأسطورة تسربت إلى معتقد الحشوية من قول بعض النصارى بأن عيسى عليهالسلام رفع إلى السماء وقعد في جنب أبيه ، تعالى الله عن ذلك فحاولوا أن يجعلوا للنبي صلىاللهعليهوسلم مثل ما جعله النصارى لعيسى عليهالسلام كسابقة لهم ، تعالى الله عن ذلك ، فعليك أن تتهم من يقول إني أتهم من ينفي حديث الإقعاد في جنب الله عزوجل.
(٢) من كلام العرب ما يفهم منه مراد المتكلم بمجرد سماعه بدون احتياج إلى التدبر ومنه ما لا يفهم المراد منه إلا بعد التأمل فيما يؤول إليه ذلك الكلام والتأويل تبيين ما يؤول إليه الكلام