وكذلك الإماميّة كما يظهر من كلامهم في الدفاع عن خروج المنتظر ، فأين يكون التعصّب المذهبي في مثل هذه المسألة ، المخرج دليلها في الصحاح كلّها والسّنن كلّها والمسانيد كلّها ، ودان بها جميع الفرق؟
نعم هنا قوّة تمسك للأمّة بحكم قطعيّ ، لا يبغون عنه حولا إلى شبه اليهود والنصارى في المسألة. ولا حجّة في كلام بعض العصريين الذين تعوّدوا التساهل في كل شيء ، لأنهم صحفيّون قبل كل شيء ، لا خبر عندهم بأدلة المسألة ، ولا ورع يحجزهم عن الإفتاء فيما غاب عنهم دليله.
أفدني بربك ما هو الداعي هنا إلى ذكر الوضّاعين ، أو الأخبار الجارية على الألسن؟ وقد ألفت في القبيلين كتب خالدة ، يستفيد منها كلّ من يرغب في علوم السنة ، وليس خبر النزول من هذا الوادي ولا من ذاك الوادي كما سبق.
وطرق بحث المعجزات الحسية هنا تطوّع من الكاتب في صف نفاتها بدون أيّ مناسبة له هنا ، غير توسيع دائرة البحث ، ليبقى وهو يتكلّم ، نفع كلامه أم لم ينفع ، فيا نفاة المعجزات الحسية ، اعملوا (معروفا) لا تضنّوا على فخر الرسل ـ صلوات الله وسلامه عليه وعليهم ـ بمعجزات أثبتها القرآن لسائر الأنبياء.
وقد أجاد ابن كثير في «تاريخه» سرد المعجزات الثابتة لفخر المرسلين ، مما ثبت مثله للأنبياء قبله ، وتبيين أنه ما أوتي نبيّ قبله معجزة إلا وأعطي مثلها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، وقد نصّ أهل العلم على ما تواتر منها مباشرة ، وما تواتر القدر المشترك فيه فقط.
وإن كان كاتب المقال تسرّب إلى فكره شيء من تشكيكات البرنس قيتانو الإيطالي ، في تاريخه الكبير عن الإسلام ، فدواء ذلك كتاب الشيخ شبل النعماني وزميله الشيخ سليمان النّدوي في السّير ، وهما أجادا وأفادا.
والمعجزات الحسيّة يجدها الباحث في كتب الصحاح والسنن والسّير مع تبيين مراتبها ، كما يجدها في «الشفا» وشروحه ، و «المواهب» وشرحها إن كان يقتصد في البحث.
وأما تواتر أحاديث المهديّ والدجّال والمسيح ، فليس بموضع ريبة عند أهل العلم بالحديث ، وتشكّك بعض المتكلمين في تواتر بعضها ، مع اعترافهم بوجوب اعتقاد أنّ أشراط الساعة كلّها حقّ ، فمن قلّة خبرتهم بالحديث ، وهم معذورون في ذلك ، ما لم يعاندوا بعد إقامة الحجة عليهم في المسائل.