الحقيقة لا على المجاز إلا إذا اضطروا للمجاز بحس أو برهان وأنهم لا يكفرونكم بما قلتم من الكفران إذ أنتم أهل الجهالة عندهم لستم أولي كفر ولا إيمان» (١).
فالبالغ المكلف الذي بلغته الدعوة إما كافر وإما مؤمن فكيف ينتفيان عنه والجهل ليس عذرا في ذلك.
قال : «لا تفرقون حقيقة الكفران بل لا تفرقون حقيقة الإيمان إلا إذا عاندتم ورددتم قول الرسول صلىاللهعليهوسلم لأجل قول فلان فهناك أنتم أكفر الثقلين وأشهد عليهم أنهم فاعلون حقيقة والجبر عندهم محال هكذا نفي القضاء».
قد أشهد على نفسه بالفوقية وباللفظ والله يعلم ما تصوره قلبه منهما وبمعنى التأويل وأين هذا من التابعين الذين قيل فيهم ما منهم إلا من يخاف النفاق على نفسه كانوا مع صحة الاعتقاد والاجتهاد في العمل يخافون النفاق ، ونحن اليوم مع البعد ـ وشتان ما بيننا وبينهم ـ بيننا من يتجاسر هذه الجسارة ويدل هذا الإدلال.
فصل
في عهود المثبتين مع الله رب العالمين
قال : «يا ناصر الإسلام اشرح لدينك صدر كل موحد وانصر به حزب الهدى فو حق نعمتك التي وليتني وأريتني البدع المضلة لأجاهد لك عداك ما أبقيتني ولأجعلن لحومهم ودماءهم في يوم نصرك أعظم القربان».
هذا يقتضي أنه يعتقد كفرهم وسفك دمائهم ، وقد حملهم في الفصل الذي قبل هذا شهادة أنه لا يكفرهم فيناقض كلامه وقال هناك إنهم جهال لا كفار ولا مؤمنون فلعله يرى أنهم كالبهائم لكنه صرح هنا بأنهم أعداء الله وغير الكافر ليس عدو الله.
__________________
ـ قد يكون راجحا بالنظر إلى الدليل فيكون اللفظ حينذاك ظاهرا في احتمال قد ترجح بالدليل حيث لا يكون هذا الاحتمال مرجوحا عند قيام الدليل على الرجحان فقولهم بالظهور في جانب الوضع إنما هو بالنظر إلى حالة عدم قيام دليل مرجح للاحتمال المقابل. والحاصل أن الظاهر بالوضع هو ما لا يقارنه دليل يرجح الاحتمال الآخر فلا ظاهر بالوضع عند ترجح الاحتمال الثاني بالدليل ، فإطلاق الظاهر على ما بالوضع عند قيام الدليل المرجح للاحتمال الثاني ما هو إلا تسامح فليعرف ذلك.
(١) وهذا بظاهره قول بالمنزلة بين المنزلتين كما هو معتقد المعتزلة الذين هم من أبغض خلق الله إليه. وإخراج أهل الحق من الإيمان محض هذيان.