ظالمون. فإن فيهم أيضا صالحين يعينونك عليهم ، وإن كانت الجماعة باغية فاعتزلهم واخرج إلى غيرهم. قال الله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) [النّساء : ٩٧] وقال أيضا : (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) [العنكبوت : ٥٦].
قال أبو حنيفة رحمهالله : حدثنا حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهم : قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا ظهرت المعاصي في أرض فلم تطق أن تغيرها فتحول عنها إلى غيرها فاعبد بها ربك». وقال : حدثني بعض أهل العلم (١) عن رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من تحول من أرض يخاف الفتنة فيها إلى أرض لا يخافها فيها كتب الله له أجر سبعين صدّيقا».
قال أبو حنيفة : من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر (٢) وكذا من قال إنه على العرش. ولا أدري العرش أفي السماء أو في الأرض (٣)
__________________
(١) فهو مجهول كما أن الصحابي مجهول فليحرر (ز).
(٢) ولم يذكر في المتن وجه كفره فبيّنه الشارح أبو الليث السمرقندي بقوله : (لأنه بهذا القول يوهم أن يكون له تعالى مكان فكان مشركا). ويدل على ذلك ما سيجيء في المتن : (قلت : أرأيت لو قيل أين الله تعالى ؛ يقال له : كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق ، وكان الله تعالى ولم يكن أين ولا خلق ولا شيء ، وهو خالق كل شيء يعني فلا يتصور الأينية إلا في الحادث. ومما يدل على ذلك أيضا قول الطحاوي في كتابه : (بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهمالله) : (ومن لم يتوق النفي والتشبيه ، زلّ ولم يصب التنزيه. فإن ربنا جلّ وعلا موصوف بصفات الوحدانية. منعوت بنعوت الفردانية. وليس في معناه أحد من البرية ، تعالى عن الحدود والغايات ، والأركان والأعضاء والأدوات ، ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات اه) وهذا جلي واضح مستغن عن الإيضاح وبسط القول في ذلك في كتاب (إشارات المرام من عبارات الإمام) للعلامة كمال الدين البياضي المطبوع حديثا. وهو من أحسن ما نشر إلى الآن في اعتقاد أهل السنة والجماعة على مذهب أئمتنا رضي الله عنهم (ز).
(٣) وهذا لفظ نسخة العلامة البياضي. وأما لفظ نسخة أبي الليث فهو (قال الله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)) [طه : ٥] فإن قال أقول بهذه الآية ولكن لا أدري أين العرش في السماء أم في الأرض فقد كفر أيضا). ولم يذكر في المتن هنا أيضا وجه كفر هذا القائل في النسختين فبيّنه البياضي في (ص ٢٠٠) من إشارات المرام ، وبيّنه أبو الليث بقوله : (وهذا يرجع إلى المعنى الأول في الحقيقة لأنه إذا قال لا أدري أن العرش في السماء أم في الأرض فكأنه قال لا أدري أن الله في السماء أم في الأرض) فلا يكون منزها لله عن المكان مع وجوب تنزيهه عنه. ثم أفاض أبو الليث في الرد على الكرامية وسائر المشبهة القائلين بإثبات المكان له تعالى ، وأبو الليث هذا تخرج على أبي جعفر الهنداوي عن أبي القاسم الصفار عن نصير بن يحيى البلخي راوية هذا الكتاب بسنده المعروف بين أهل العلم سلفا وخلفا. وأبو الليث هذا توفي