في أمر الخوارج ، ورجعت عن العدل الذي وصفت وإن كذبت قولهم قالوا أنت تكذب بقول نبي الله عليه الصلاة والسلام فإنهم رووا ذلك عن رجال حتى ينتهي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قال العالم رضي الله عنه : أكذب هؤلاء ولا يكون تكذيبي لهؤلاء ردي عليهم تكذيبا للنبي صلىاللهعليهوسلم ، إنما يكون التكذيب لقول النبي عليهالسلام أن يقول الرجل أنا مكذب لقول نبي الله صلىاللهعليهوسلم فأما إذا قال الرجل : أنا مؤمن بكلّ شيء تكلم به النبي عليه الصلاة والسلام غير أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يتكلم بالجور ولم يخالف القرآن ، فإن هذا القول منه هو التصديق بالنبي وبالقرآن وتنزيه له من الخلاف على القرآن ، ولو خالف النبي القرآن ، وتقول على الله غير الحق لم يدعه الله حتى يأخذه باليمين ، ويقطع منه الوتين ، كما قال الله عزوجل في القرآن : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧)) [الحاقّة : ٤٤ ـ ٤٧] ونبي الله لا يخالف كتاب الله تعالى ، ومخالف كتاب الله لا يكون نبي الله.
وهذا الذي رووه خلاف القرآن (١) لأنه قال الله تعالى في القرآن : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) [النّور : ٢] ولم ينف عنهما اسم الإيمان. وقال الله تعالى : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) [النّساء : ١٦]. فقوله منكم لم يعن به اليهود ولا النصارى وإنما عنى به المسلمين. فرد كل رجل يحدث عن النبي صلىاللهعليهوسلم بخلاف القرآن ليس ردا على النبي صلىاللهعليهوسلم ولا تكذيبا له. ولكن رد على من يحدث عن النبي صلىاللهعليهوسلم بالباطل. والتهمة دخلت عليه ليس على نبي الله عليهالسلام وكذلك كل شيء تكلم به نبي الله عليه الصلاة والسلام سمعناه أو لم نسمعه فعلى الرأس والعينين. قد آمنا به ونشهد أنه كما قال نبي الله. ونشهد أيضا على النبي صلىاللهعليهوسلم أنه لم يأمر بشيء نهى الله عنه ، ولم يقطع شيئا وصله الله. ولا وصف أمرا وصف الله ذلك الأمر بغير ما وصف به النبيّ. ونشهد أنه كان موافقا لله في جميع الأمور. لم يبتدع ولم يتقول على الله غير ما قال تعالى ولا كان من المتكلفين. ولذا قال الله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النّساء : ٨٠].
__________________
(١) قال الخطيب في (الفقيه والمتفقه) : إذا روى الثقة المأمون خبرا متصل الإسناد رد بأمور. أحدها أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه لأن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول وأما خلاف العقول فلا. والثاني أن يخالف نص الكتاب أو السنة المتواترة فيعلم أنه لا أصل له أو منسوخ والثالث ... (ز).