عليهم ولا لهم شهود من غيرهم ، وقد ترى القتل بينهم وليس المظلوم والظالم منهم يبين ، وهما خصمان لا تجوز شهادة بعضهم على بعض فينبغي لك أن تعلم أنهما ليسا كلاهما بمصيبين ، وقد قتل بعضهم بعضا ، فإما أن يكونا مخطئين أو أحدهما مخطئ والآخر مصيب ، ومن الإرجاء أن ترجئ أهل الذنوب ولا تقول إنهم من أهل النار أو من أهل الجنة فإنّ الناس عندنا على ثلاثة منازل : الأنبياء من أهل الجنة ومن قالت الأنبياء إنه من أهل الجنة فهو من أهل الجنة ، والمنزلة الأخرى للمشركين نشهد عليهم أنهم من أهل النار ، والمنزلة الثالثة للموحدين نقف عليهم فلا نشهد أنهم من أهل النار ولا من أهل الجنة ، ولكنا نرجو لهم ونخاف عليهم ونقول كما قال الله تعالى : (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) [التّوبة : ١٠٢] فنرجو لهم لأن الله تعالى قال : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النّساء : ٤٨] ونخاف عليهم بذنوبهم وخطاياهم.
قال المتعلم رحمهالله : ما أعدل هذا القول وأبينه وأقربه من الحق ولكن أخبرني هل أحد من الناس توجب له الجنة إن رأيته صوّاما قوّاما غير الأنبياء صلوات الله على نبينا وعليهم ومن قالت له الأنبياء؟.
قال العالم رضي الله عنه : لا أوجب الجنة إلا لمن أوجبه النص ، وكذلك النار.
قال المتعلم رحمهالله : فما قولك في أناس رووا : (إن المؤمن إذا زنى خلع الإيمان من رأسه كما يخلع القميص ثم إذا تاب أعيد إليه إيمانه (١) أتشك في قولهم أو تصدقهم. فإن صدقت قولهم دخلت في قول الخوارج وإن شككت في قولهم شككت
__________________
(١) أخرجه الحاكم بلفظ قريب من هذا لكن في سنده عبد الله بن الوليد التجيبي وقد ضعفه الدار قطني وقال لا يعتبر بحديثه ، وليّنه ابن حجر ، ولم يدرك ابن حجيرة الكبير ففيه انقطاع ، ولم يشر إلى ذلك الذهبي ، وليس التجيبي ولا ابن حجيرة الصغير بشاميين كما توهم الحاكم على أن حديث أبي ذر «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق» وحديث عبادة في المبايعة. وآخره «... ومن فعل شيئا من ذلك ـ أي الزنى والسرقة ـ فعوقب به في الدنيا فهو كفارة ومن لم يعاقب فهو إلى الله إن شاء عفا وإن شاء عذّبه) في غاية الصحة فلا يناهضهما حديث الحاكم وأما حديث «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» عن أبي هريرة فمؤول عند الجمهور لمخالفة ظاهر معناه للإجماع والكتاب والسنة على ما في فتح الباري (١٢ ـ ٤٧) على أن في سنده يحيى بن عبد الله بن بكير وهو ممن لا يحتج به أبو حاتم وقد ضعفه النسائي فلا يناهض ما سبق بل أنكر بعض أهل العلم من السلف أن يكون صلىاللهعليهوسلم قاله كما حكى ابن حجر رواية عن ابن جرير الطبري. وأما حديث عكرمة فحديث خارجي فلا يقبل فيما يؤيد به مذهبه (ز).