عثمان رضي الله عنه : فو الله ما انصرفنا ولا طال الحديث حتى جاء الرجل كأنه لم يكن به ضر (١). فهذا حديث صحيح صريح في التوسل والاستجابة وليس فيه أنه فعل ذلك في حضرة النبي صلىاللهعليهوسلم وليس فيه التقييد بزمن حياته ولا أنه خاص بذلك الرجل بل إطلاقه عليه الصلاة والسلام يدل على أن هذا التوسل مستمر بعد وفاته شفقة عليهم لأنه بهم رءوف رحيم ، ولاحتياجهم إلى ذلك في حاجاتهم ، ويدل على ذلك أن عثمان بن حنيف راوي الحديث هو وغيره فهموا التعميم ولهذا استعمله هو وغيره بعد وفاته صلىاللهعليهوسلم كما رواه الطبراني في معجمه الكبير في ترجمة عثمان بن حنيف رضي الله عنه ذكره في أول الجزء الخمسين من مسنده أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا ينظر في حاجته ، فلقي الرجل عثمان بن حنيف وشكا (٢) إليه ذلك فقال له عثمان بن حنيف رضي الله عنه : ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصلّ ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضي (٣) حاجتك وتذكر حاجتك ، ورح حتى أرواح معك ، فذهب الرجل وفعل ما قاله عثمان بن حنيف له ثم إن الرجل أتى إلى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاء البواب فأخذ بيده حتى أدخله إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فأجلسه معه على الطنفسة فقال : حاجتك ، فأعلمه بها فقضاها له ، وقال : ما ذكرت حاجتك إلا الساعة ، ثم قال عثمان بن عفان رضي الله عنه : ما كان لك من حاجة فاذكرها ، ثم إن الرجل خرج من عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فلقي عثمان بن حنيف رضي الله عنه فقال له : جزاك الله خيرا أما إنه ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلى حتى كلمته في ، فقال عثمان بن حنيف رضي الله عنه : ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره فقال له عليه الصلاة والسلام : «أو تصبر؟» فقال : يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق عليّ ، فقال عليه الصلاة والسلام : «ائت الميضأة فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات» قال عثمان بن حنيف : فو الله ما انصرفنا ولا طال الزمان حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط. ورواه البيهقي بإسناده من طريقين فهذا من
__________________
(١) وفي رواية أنه قال عليه الصلاة والسلام : «وإن كان لك حاجة» فمثل ذلك ، اه مستنسخ النسخة.
(٢) قوله وشكى يرسم شكا بالألف ، اه مصححه.
(٣) قوله : فتقضي حاجتك ، ليس بظاهر معناه وقد راجعت الأصل فرأيت النص فتقضى حاجتي وتذكر حاجتك ، الخ وبه يتضح المعنى ، اه مصححه.