ولما أطلعتك على سري ، ثم قال : خرجت أنا ووالدي حاجين إلى بيت الله الحرام وإلى زيارة سيد الأنام حتى إذا كنا ببعض المنازل مرض والدي فعالجته فمات فلما مات اسودّ وجهه فغلبتني عيناي من الهم فنمت فإذا أنا برجل لم أر أجمل منه ولا أنظف ثوبا ولا أطيب رائحة منه فدنا من والدي وكشف عن وجهه وأمرّ يده عليه فعاد وجهه أبيض ثم ذهب فتعلقت بثوبه وقلت له : يا عبد الله من أنت الذي منّ الله عزوجل علي وعلى والدي بك في دار الغربة لكشف هذه الكربة؟ فقال : أو ما تعرفني أنا محمد بن عبد الله صاحب القرآن ، أما إن والدك كان مسرفا على نفسه ولكنه يكثر الصلاة علي فلما نزل به ما نزل استغاث بي وأنا غيّاث من أكثر الصلاة علي ، قال : فانتبهت فإذا وجه والدي قد ابيضّ. فانظر أرشدك الله عزوجل إلى جلاله وتعظيمه في حياته وبعد وفاته كيف أغاث من استغاث به حتى في البرزخ فهو عليه الصلاة والسلام كما قيل :
غياث لملهوف وغيث لآمل |
|
وعين لظمآن وعون لذي جهد |
له فوق إيوان الزمان مراتب |
|
يقصر عنها الأنبياء أول المجد |
فموسى وعيسى والخليل ونوحهم |
|
يقولون طه منتهى السئول والقصد |
حوى قصبات السبق من قبل آدم |
|
وكهلا وأيام الطفولة في المهد |
به طيبة طابت ولا غرو قد حوت |
|
طبيب قلوب الخلق من مرض الجحد |
فلولاه ما اشتاقت قلوب نفيسة |
|
إلى الشيخ من أرض الحجاز ولا الرند |
ولا ذكرت سلع ونعمان والنقا |
|
ولا استعذبت من شدة الوجد للوجد |
فسبحان من قرّبه وبجّله وعظّمه ومنحه وتوجه خلع الفضائل وجعله أعظم ما يتوجه به إليه وأعظم الوسائل.
روى الترمذي من حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن رجلا ضرير البصر جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : ادع لي أن يعافيني الله ، فقال : «إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك» قال : فادعه ، فأمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يتوضأ فيحسن الوضوء ويدعو بهذا الدعاء «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضي اللهم شفعه في» قال الترمذي : حديث حسن صحيح ورواه النسائي بنحوه ورواه البيهقي وزاد محمد بن يونس في روايته فقام وقد أبصر ، وفي رواية شعبة ففعل فبرئ ، وفي رواية : يا محمد إني توجهت بك إلى ربي فتجلى عن بصري ، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي ، قال