وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلىاللهعليهوسلم والراسخ في العلم هو من طولع على محل المراد منه وسئل مالك عن الراسخين في العلم فقال : العالم العامل بما علم المتبع له. وقال عمر بن عبد العزيز : انتهى علم الراسخين بتأويل القرآن إلى أن قالوا : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) [آل عمران : ٧] وقال بعضهم : للقرآن تأويل استأثر الله تعالى بعلمه لا يطلع عليه أحد من خلقه كما استأثر بعلم الساعة ووقت طلوع الشمس من مغربها ونحو ذلك ، والخلق متعبدون بالإيمان به ومتعبدون بالمحكم بالإيمان به وبالعمل به وقيل غير ذلك ثم اعلم أنه حق على اللبيب المعتصم بكتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمتمسك بالعروة الوثقى أن يثبت لله عزوجل ما قضى العقل بجوازه ونص الشرع على ثبوته فإن المشبهة أثبتوا لله ما لم يأذن فيه بل نهى عنه وهي زيغة سامرية ويهودية والمعطلة سلبوه ما اتصف به وسفهوه ولقد أحسن أبو الحسن الأشعري في جوابه عن التوحيد حيث قال : إثبات ذات غير مشبهة بالذوات ولا معطلة عن الصفات ، شعر :
الله أكبر أن يكون لذاته |
|
كيفية كذوات مخلوقاته |
أو أن تقاس صفاتنا في كل ما |
|
تأتيه من أفعالنا بصفاته |
أبدا عقول ذوي العقول بأسرها |
|
متحيرات في دوام حياته |
لبديع صنعته عليه شواهد |
|
تبدو على صفحات مصنوعاته |
فكل ما ترى عينك الباصرة فهو دلائل ظاهرة على (١) العالم مخلوق بتقدير شامل وتدبير كامل وحكمة بالغة وقدرة غير متناهية ، ولو جمعت عقول العقلاء عقلا واحدا ثم تفكروا بذلك العقل في جناح بعوضة حتى يجدوا تركيبا أحسن منه وأكمل لفنيت تلك العقول وانقطعت تلك الأفكار ولم تصل إلى درك ذرة من ذرات حكمته في تلك البعوضة على سبيل الكمال والتمام فما الظن بذي الجلال تبا ثم تبا لأهل الضلال والجهل وما اعتقدوه من النقص مع تنزيه البحار وشوامخ الجبال فسبحان من تسبحه البحار الطوافح والجبال الشم والسحب السوائح والأمطار الطوامح والأفكار والقرائح ، تقدس عن مثل وشبيه ، وتنزه عن نقص يعتريه ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور من سر أضمرته الجوانح ، تعالى عن الند المماثل والضد المكارح ، يفعل ما يشاء ، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، هلك الجاهل والمكافح ، متكلم
__________________
(١) هنا لفظ أن محذوف كما هو ظاهر ، اه مصححه.