العرش عندها جنة المأوى يأوي إليها الملائكة عليهمالسلام وقيل أرواح الشهداء وقيل أرواح المتقين.
وقال الله تعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨)) [الرّحمن : ٧٨] معنى (تَبارَكَ) جلّ وعظم ومعنى (ذِي الْجَلالِ) المستحق للرفعة وصفات التعالي ونعوت الكمال جلّ أن يعرف جلاله غيره تنزّه وعظم شأنه عما يقول فيه المبطلون لأن كل شيء يثني عليه بقدرته وكل ذاكر يذكره على قدر طاقته وطبعه وعلمه وفهمه ، والحق جلّ جلاله ذكره خارج عن أوهام الآدميين لأن الحادث ناقص بقهر الإيجاد والفناء والمعارف (١) دون الغايات الجلالية فسبحانه ما أثني عليه حق ثنائه غيره ولا وصفه بما يليق به سواه عجز الأنبياء والرسل بأجمعهم عن ذلك قال : أجلّهم قدرا وأرفعهم محلا وأبلغهم نطقا مع ما أعطي من جوامع الكلم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك وأما (٢) الإكرام فمعناه ذو الإنعام والمنن على العام والخاص والطائع والعاصي ، ووصف سبحانه وتعالى نفسه بالكريم في قوله : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) [الانفطار : ٦] قال عمر رضي الله عنه : لو قيل لي ما غرك بي لقلت جهلي بك غرني ، والكريم هو الذي إذا قدر عفا ، وإذا وعد وفى ، وقيل هو الذي إذا أعطى زاد على منتهى الرجاء ولا يبالي لمن (٣) أعطي وكم أعطي ولا يضيع من لاذ به والتجا ، وقيل هو الذي يغني السائل عن الوسائل والشفعاء وإذا رفعت الحاجة إلى غيره لا يرضى ، وقيل هو الذي إذا أبصر خللا جبره وما أظهره وإذا أولى فضلا أجزله ثم ستره وقيل غير ذلك ، فمن تأمل القرآن الكريم وجده مشحونا بالتقديس والإجلال والتعظيم وناطقا بإضلال أهل الإلحاد والتجسيم والحيدة عن الصراط المستقيم وطريقة السلامة في ذلك أن من أشكل عليه شيء من المتشابه في الكتاب والسنة فليقل كما أخبر سبحانه وتعالى في كتابه المبين عن الراسخين في العلم ومدحهم عليه في قوله تعالى : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) [آل عمران : ٧] ويقول كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث : «وما جهلتم منه فكلوه إلى عالمه» خرجه غير واحد منهم الإمام أحمد والنسائي وغيرهما ويقول كما قاله الشافعي آمنت بالله وما جاء عن الله على مراد الله
__________________
(١) لم يظهر لي في هذه العبارة معنى فلتحرر ، اه مصححه.
(٢) ذو الإنعام ليس معنى الإكرام بل معنى ذو الإكرام فهنا لفظ ذو ساقط ، اه مصححه.
(٣) لعله بما أعطى الخ ، اه مصححه.