راحلته ، فقال : طيفوا به في حيه ليعلم الناس بذلك (١) وكان رضي الله عنه شديدا في دين الله عزوجل لا تأخذه في الله لومة لائم وقد ذكرت نبذة يسيرة من سيرته في كتاب (قمع النفوس).
ولما كان أواخر القرن الأول اتسع الأمر من القصاص وتظاهر شخص يقال له المغيرة بن سعيد وكان ساحرا واشتهر بالوصاف وجمع بين الإلحاد والتنجيم ويقول إن ربه على صورة رجل على رأسه تاج وإن أعضاءه على عدد حروف الهجاء ويقول ما لا ينطق به ويقول إن الأمانة في قول الله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) [الأحزاب : ٧٢] هي أن لا يمنع على الخلافة ، وقوله تعالى : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) [الأحزاب : ٧٢] هو أبو بكر رضي الله عنه.
وقال عمر رضي الله عنه لأبي بكر أن يحملها ويمنع عليا منها وضمن عمر أنه يعين أبا بكر بشرط أن يجعل أبو بكر الخلافة له بعده فقبل أبو بكر منه وأقدما على المنع متظاهرين ، ثم وصفهما بالظلم والجهل فقال : وحملها أبو بكر إنه كان ظلوما جهولا. وزعم أنه نزل في حق عمر رضي الله عنه : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ) [الحشر : ١٦] الآية ، وكان يقول بتكفير سائر الصحابة رضي الله عنهم إلا لمن ثبت مع علي رضي الله عنه وكان يقول إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يختلفوا في شيء من الشرائع ، وكان يقول بتحريم إنكار المنكر قبل خروج الإمام ، وقال لمحمد الباقر : أقر أنك تعلم الغيب حتى أجبي لك العراق ، فانتهره وطرده ، وكذا فعل بجعفر الصادق ولد محمد الباقر فقال : أعوذ بالله ، وكان يقول : انتظروا محمد بن عبد الله الإمام فإنه يرجع ومعه ميكائيل وجبريل يتبعانه من الركن والمقام ، وكان له خبائث ، فلما كان في السنة التاسعة عشرة والمائة ظفر به خالد بن عبد الله القشيري فأحرقه وأحرق معه خمسة من أتباعه فهذا شأن أهل الزيغ.
واستمر الأمر على ذلك إلا أنهم سلكوا مسلك المكر والحيلة بإظهار الكب (٢) على سماع الحديث ويكثرون من ذكر أحاديث المتشابه ويجمعونها ويسردونها على الناس العوام ثم كثرت المقالات في زمن الإمام أحمد وكثر القصاص وتوجع هو وابن عيينة وغيرهما منهم وكان الإمام أحمد يقول : كنت أود لو كان قصاصا صادقا نصوحا طيب السريرة ، ونبغ في زمنه محمد بن كرام السجستاني وترافق مع الإمام أحمد
__________________
(١) ونفاه بعد ذلك رضي الله عنه ولم يرجعه حتى صدقت توبته ، اه مصححه.
(٢) يريد الإكباب ، اه مصححه.