التي (١) مدار الأمة عليهم في دينهم متفقون في العقيدة فمن زعم أن بينهم اختلافا في ذلك فقد افترى على أئمة الإسلام والمسلمين والله حسبه وسيجزي الله المفترين.
وفي الصحيحين : من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال : «من فارق الجماعة شبرا فمات مات ميتة جاهلية» وقال عليه الصلاة والسلام : «إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ القاصية والنافرة والشاذة إياكم والشعاب وعليكم بالعامة والجماعة والمساجد» رواه الطبراني وغيره من حديث معاذ رضي الله عنه ورواه الإمام أحمد ورجاله ثقات.
وسئل الإمام أحمد عن الشافعي فقال : (ما الذي أقول فيه وهو الذي أخرج من قشور التشبيه لبابها ، وأطلع على معارفها أربابها ، وجمع مذهبه أكنافها وأطنابها ، فالمحدثون صيادلة والشافعي طبيبهم ، والفقهاء أكابر والشافعي كبيرهم ، وما وضع أحد قلمه في محبرة إلا وللشافعي عليه منّة) وكان كثير الدعاء للشافعي ، قال له ابنه عبد الله : أي شيء كان الشافعي فإني أسمعك تكثر الدعاء له؟ قال : (يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا ، وكالعافية للناس ، فانظر هل لهذين من خلف أو عوض).
وسئل بعض أئمة السلف عن قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)) [طه : ٥] فقال : (الرّحمن جلّ وعلا لم يزل والعرش محدث بالرحمن استوى ثم قال كل ما ميزتموه بأذهانكم وأدركتموه في أتم عقولكم فهو مصروف إليكم ومردود عليكم محدث ومصنوع مثلكم لأن حقيقته عالية عن أن تلحقه عبارة أو يدركه وهم أو يحيط به علم كلا كيف يحيط به علم وقد اتفق فيه الأضداد بقوله سبحانه وتعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) [الحديد : ٣] أي عبارة تخبر عنه ، حقيقة الألفاظ كلام ، قصرت عنه العبارات ، وخرست عنه الألسنة بقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشّورى : ١١] تعالى الله وتقدّس عن المجانسة والمماثلة).
قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية : معناها ليس له نظير. وقال أهل التحقيق : ذكر العرش إظهارا لقدرته لا مكانا لذاته إذ الذات ممتنعة عن الإحاطة بها والوقوف عليها ، كما أشار إلى ذلك في قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)) [النّمل : ٢٦] فسبحانه هو المنزّه عن التشبيه القدوس المبرّأ عن الآفات ، والمسبح بجميع اللغات ، السلام السالم من نقائص المخلوقات ، الصمد
__________________
(١) لعله الذين ، اه مصححه.