وقد بالغ في الكفر من الحق صفة الحق بالخلق وأدرج نفسه في جريدة السامرة واليهود الذين هم أشد عداوة للذين آمنوا.
ومنها حديث الأصابع وهو في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء حبر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد إن الله يضع السماء على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع وفي لفظ : والماء والثرى على إصبع ثم يهزهن ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) [الأنعام : ٩١] وفي لفظ : فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم تعجبا وتصديقا له.
قال الأئمة ومنهم أبو سليمان الخطابي : لا تثبت لله صفة إلا بالكتاب أو خبر مقطوع بصحته مستند إلى أصل في الكتاب أو السنة المقطوع بصحتها (١) وما كان بخلاف ذلك فالواجب التوقف عن إطلاق ذلك ويتأول على ما يليق بمعاني الأصول المتفق عليها من أقوال أهل العلم مع نفي التشبيه.
وقال غيره : قد نفى الله تعالى التشبيه عنه في قوله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) [الأنعام : ٩١](وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى) [الزّمر : ٦٧] دفعا لما يتبادر إليه الفهم باعتبار المحسوسات.
قال الأئمة : معناه ما عرفوه حق معرفته. وقال المبرد : ما عظموه حق عظمته.
وقبضة الله عزوجل عبارة عن قدرته وإحاطته بجميع مخلوقاته ، واليمين في كلام العرب بمعنى الملك والقدرة كما قال تعالى : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥)) [الحاقّة : ٤٥] أي بالقوة والقدرة. وأشعار العرب في ذلك أكثر جدا من أن تذكر وأشهر من أن تنشد وتبرز وتظهر.
وفي الحديث «الحجر الأسود يمين الله تعالى» وقال تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح : ١٠] وقال أبو الوفاء بن عقيل من أصحاب الإمام أحمد : (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) [الحجّ : ٧٤] إذ جعلوا صفاته تتساعد وتتعاضد على حمل مخلوقاته وإنما ذكر الشرك في الآية ردا عليهم. وفي معنى هذا الحديث قوله عليه الصلاة والسلام «إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرّحمن يقلبها كيف شاء» وفي ذلك إشارة إلى أن القلوب مقهورة لمقلبها.
__________________
(١) لو لاحظ المتكلمون في هذه المواضيع هذا الأصل لاستراحوا وأراحوا ، اه مصححه.