وتوهّم عدم دوران
الصحّة مدار الأمر بل كفاها الملاك ، مدفوع بأنّ كفاية الملاك ـ عند من يزعمه ـ مختصّ بما إذا
لم يكن نهي كما في المقام.
ويمكن التفرقة بين
المسألتين بأنّ النزاع في المسألة الآتية في أنّ النهي المتوجّه إلى عبادة خاصّة ـ
كالصلاة في الحمّام ـ هل هو نهي عن الخصوصيّة ، أو نهي عن المتخصّص بالخصوصيّة وعن
حصّة من الصلاة حاصلة تحت تلك الخصوصيّة؟ فعلى الثاني نافى الأمر بتلك الحصّة ،
ولذا تقع فاسدة ؛ لأنّ هذه الحصّة مبغوضة فلا تصلح لأن يتقرّب بها. وعلى الأوّل
تكون صغرى لهذا البحث ومن جزئيّاته المندرجة فيه ؛ لعموم هذا البحث لكلّ ذي
عنوانين كان بأحدهما موردا للأمر وبالآخر موردا لنهي ، سواء كان بينهما عموم مطلق
أو عموم من وجه.
إذا عرفت هذا
فاعلم أنّ حفظ حيثيّة البحث ـ وكون البحث بحثا عن عنوان الاجتماع ـ يقتضي أن يكون
المقتضي والمناط لكلّ من التكليفين موجودا تامّا ـ والنزاع في جواز تأثير كلّ
منهما واجتماعه مع تأثير الآخر ولا جوازه ـ فأمّا لو لم يكن مناط شيء منهما موجودا
، أو كان الموجود مناط واحد معيّن منهما دون مناط الآخر فخارج عن محلّ البحث
وحكمهما واضح. وكذلك لو كان الموجود أحدهما لا على التعيين. والدليلان الدالّان
على الحكمين في مثل هذه الصورة يعدّان متعارضين بخلاف الدليلين الدالّين على
الحكمين مع وجود مناطيهما في المجمع ؛ فإنّهما يعدّان متزاحمين. ويمتاز كلّ من
التعارض والتزاحم عن صاحبه بمميّزين :
الأوّل : أن علاج
التزاحم على القول بامتناع الاجتماع يكون بقوّة الملاك ، فيؤخذ بأقوى الحكمين
مناطا وإن كان أضعفهما دليلا ، وإن لم تكن هناك قوّة يحكم بالإباحة ، وعلاج
المعارضة مع عدم الجمع العرفي هو التساقط والرجوع إلى الأصل أو التخيير. هذا في
غير الأخبار ، وفي الأخبار علاجه بالرجوع إلى المرجّحات ، ومع التكافؤ الحكم
بالتخيير.
الثاني : أنّ في
التعارض لو قدّم دليل النهي في مادّة التعارض لم يكن سبيل إلى حكم بصحّة تلك
المادّة في مورد من الموارد ، وأمّا في التزاحم فربما يحكم بصحّتها ، وذلك في كلّ
__________________