المفهوم والمنطوق
المفهوم والمنطوق في الاصطلاح هما من مقولة المعنى ، وإن كان المنطوق لغة هو نفس اللفظ ؛ لأنّه الذي وقع به النطق ، فالذي دلّ عليه اللفظ بلا واسطة هو المنطوق. سمّى منطوقا إمّا باعتبار أنّ دالّه منطوق أو باعتبار شدّة اتّصاله به فكأنّه هو الذي وقع النطق به ، والذي دلّ عليه اللفظ مع الواسطة ومن جهة دلالته على المعنى المنطوق هو المفهوم.
والمنطوق والمفهوم هما من صفات الدالّ ، وتوصيف المدلول بهما من باب الصفة بحال غيره ، وليسا من صفات المدلول ولا من صفات الدلالة. وليست للدلالة وكشف اللفظ أقسام وأنحاء كي يسمّى قسم منها مفهوما وقسم منها منطوقا.
ثمّ الظاهر أنّ المفهوم في الاصطلاح له قيد آخر ، وهو أن يكون جملة تامّة فهمت من خصوصيّة أخذت في المنطوق ، فلا تكون منه المداليل الالتزاميّة المفهومة من متن ملزوماتها وبالعكس بلا أخذ خصوصيّة زائدة على متن الملزوم ، ولا منه الجمل المستفادة من التعليق بغير الأداة من مثل : يتوقّف كذا على كذا ، أو يشترط به ، أو معلّق عليه ، مع مشاركتها في المؤدّى للقضايا التعليقيّة بواسطة «إن» و «إذا». فليس إطلاق المنطوق على إحداهما والمفهوم على الاخرى أولى من العكس.
ثمّ إنّ بيان هذه الخصوصيّة في مفهوم المخالفة يأتي ، وأمّا بيانها في مفهوم الموافقة فهو : أنّه إذا وجّه التحريم على مثل عنوان «افّ» ـ لكن لا بما هو بل بما هو مصداق من مصاديق الإيذاء ـ اقتضى ذلك لا محالة ثبوت الحرمة لما هو أشدّ منه إيذاء بالأولى. هذا لو لم يكن