منهيّ عنه ، فإذا جمعهما المكلّف في حركته فذات الحركة ومتنها بما هي حركة لا محبوبة ولا مبغوضة ، وإنّما المبغوض والمحبوب حدّاها ، والحدّان اثنان ، ولذلك لا ينتزع من أحدهما ما ينتزع من الآخر.
وكذلك في مثل «أكرم العالم» و «لا تكرم الفاسق» بالنسبة إلى مادّة الاجتماع ؛ فإنّ الامتثال يكون بحدّ كون الإكرام ، إكرام العالم ، والمعصية بحدّ كونه إكرام الفاسق ، والحدّان متعدّدان وإن كان المحدود بهما واحدا.
الثاني : أنّ المصالح والمفاسد والأغراض والمقاصد قائمة بالحدود ، وأصل الوجود ومتنه عار من كلّ ذلك ، وإلّا اشتركت عامّة الوجودات في الأغراض ، وهو باطل. فإذا كانت المصالح قائمة بالحدود قام الطلب أيضا بها ؛ فإنّه معلول منها تابع لها ، يقوم بما تقوم به بلا تخلّف قيد شعرة ، ويضع قدمه موضع قدمها بلا تخطّ مقدار إبرة.
الثالث : اشتمال الواجبات على الخصوصيّات المباحة ، فإنّه شاهد قويّ على جواز الاجتماع ؛ إذ لو لاه لم تجتمع الإباحة أيضا مع الوجوب ، فإنّ التضادّ عامّ لسائر الأحكام ، ودعوى وجوب واحد من تلك الخصوصيّات على البدل خروج عن الفرض من كون الواجب هو الواحد الجامع دون شيء من الخصوصيّات ، وأنّ التخيير بين الخصوصيّات ثابت بحكم العقل في موضوع خطاب الشارع لذلك الواجد الجامع ؛ إلّا أن يراد من الإباحة في المقام عدم الحكم والإلزام من الشارع بشيء من الخصوصيّات لا الحكم بالإباحة.
وأمّا الجهة الثانية ـ أعني البحث عن إمكان الاجتماع واستحالته بالغير ومن جهة لزوم التكليف بما لا يطاق ـ إذ التكليفان المتوجّهان إلى العنوانين المتصادقين الساريين إلى المجمع تبع سراية متعلّقيهما مجتمعان في المجمع ، ومال اجتماعهما في المجمع إلى التكليف بالمحال. ولا يرفع محذور التكليف بالمحال وجود المندوحة ؛ إذ المندوحة يرفع محذور التكليف بالمحال في مورد المندوحة لا في مادّة الاجتماع.
والأصل في هذا الباب أنّ التكليف إذا توجّه إلى طبيعة على انبساطها وسرايتها إلى المصاديق هل يجوز من دون دخول الأفراد المنبسط فيها جميعا تحت القدرة ـ فلو خرج فرد عن القدرة حصل بسببه قصر في الطبيعة المأمور بها وصارت الطبيعة بقيد كونها في ما عدا ذلك الفرد مأمورا بها ، ولازمه أنّه إذا انحصر المقدور من أفراد الطبيعة في واحد صارت