الصحيح والأعمّ
اختلفوا في أنّ ألفاظ العبادات هل هي أسام للصحيحة أم للأعمّ؟
ولنقدّم أمام البحث أمورا :
الأوّل : أنّ عنوان البحث ـ بما ذكرنا ـ وإن كان يعطي اختصاص البحث على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة ، لكنّ الظاهر أنّ البحث بنفسه أو بمناطه عامّ يجري حتّى على القول بالمجاز الشرعي ، بل وعلى اختيار مذهب الباقلاني (١) على أن يكون النزاع في مراد الشارع عند إطلاقه هذه الألفاظ ، وأنّ بناءه جار على إرادة الصحيح حتّى تقوم قرينة على الخلاف ـ إمّا بوضع اللفظ له ، أو باستعماله فيه مجازا ، أو من باب إطلاق الكلّي على الفرد من باب أنّ أحد مصاديق معناه اللغوي ـ أم ليس بناؤه على ذلك ، بل إطلاقه للألفاظ على قسمي الصحيح والفاسد على حدّ سواء.
الثاني : كلمة الصحّة ومشتقّاتها تطلق على ما يقابل كلّا من العيب والفساد والبطلان. والظاهر أنّها بمعنى واحد تقابل كلّ تلك المعاني. وأيضا معناها ذاتي لا إضافي نسبي ، وهو كون الشيء واردا على مقتضى طبيعته غير منحرف عن مقتضاها يمينا وشمالا.
ومعلوم أنّ ما هذا شأنه تبرز منه آثار الطبيعة وتظهر منه خواصّها لا أنّ معنى الصحّة هو ذلك ـ فضلا عن أن يكون بلحاظ أثر دون أثر ، فيكون الشيء صحيحا بلحاظ أثر ، فاسدا
__________________
(١) حيث ذهب إلى أنّ الألفاظ المستعملة في لسان الشارع قد استعملت في معانيها اللغويّة.