وهذا المصداق من التعيين غير المصداق الذي ذكرناه في العلّة ؛ فإنّه هناك بمعنى التأثير ، ولا مناسبة للتأثير مع المقام ؛ إذ ليس سقوط الأمر بتأثير من الإتيان بالمأمور به بل الإرادة تنفد بحصول متعلّقها (١).
الثالث : لا جهة مشتركة بين مسألتنا ومسألة تبعيّة الأداء للقضاء ـ كي نطالب بذكر المائز ؛ فإنّ هذه المسألة تبحث عن اقتضاء إتيان المأمور به سقوط الأمر ، وتلك تبحث عن اقتضاء خروج الوقت سقوطه ، ولا رابطة بينهما. وإن شئت قلت : إنّ هذه باحثة عن اقتضاء الإطاعة سقوط الأمر وتلك باحثة عن اقتضاء المعصية سقوطه.
وأمّا الفرق بين مسألتنا وبين مسألة اقتضاء الأمر للمرّة والتكرار : أمّا بالنسبة إلى الأمر الاضطراري والظاهري ، واقتضاء امتثالهما للإجزاء عن الأمر الواقعي فواضح (٢).
وأمّا بالنسبة إلى إجزاء امتثال أمر سقوط شخص ذلك الأمر فذلك أنّ البحث في مسألة المرّة والتكرار في أخذ كلّ من الأمرين في متعلّق الأمر ، وبحث المقام بعد الفراغ عن عدم أخذ شيء منهما ـ بل تعلّق الأمر بصرف الطبيعة ـ في أنّ الإتيان بها كاف في سقوط الأمر أم لا؟
نعم ، كلّ من القائل بالتكرار وعدم الإجزاء يكرّران العمل كما أنّ كلّا من القائل بالمرّة والإجزاء لا يكرّران ، لكن بمناطين.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الكلام يقع في مقامات ثلاث :
[المقام] الأوّل : الإجزاء بالنسبة إلى الأمر الواقعي يعني اقتضاء الإتيان بالمأمور به سقوط ذلك الأمر الذي أتى بمتعلّقه وعدمه ، ولو كان ذلك الأمر اضطراريّا أو ظاهريّا.
والظاهر أنّ مال هذا البحث ـ إن كان في هذا المقام بحث ـ إلى أنّ توجّه الأمر إلى طبيعة هل يقتضي مطلوبيّة تلك الطبيعة بسيلانها وانبساطها ـ ففي أيّ فرد حصلت اتّصفت
__________________
(١) أي إرادة متعلّق الأمر ـ وهو المأمور به من المكلّف ـ فهو بإتيانه له ينفد ما تعلّقت به إرادة المولى ، وهذا هو مراده من قوله : بل الإرادة تنفد ـ بالبناء للمجهول ـ بحصول متعلّقها.
(٢) لبداهة كون الأمر الاضطراري أو الظاهري يجزي عن الأمر الواقعي أو لا يجزي ، لا ربط له بكون لفظ الأمر على المرّة أو التكرار.