وأمّا الوعد والوعيد فإطلاق آيات الوعد والوعيد ـ مثل قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(١) وقوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(٢) ـ يشمل كلا قسمي الواجب.
وقد تأكّد هذا الإطلاق بأخبار صرّحت على الثواب على بعض المقدّمات ، كثواب تحصيل العلم (٣) ، وثواب طيّ المسافة لزيارة الأئمّة المعصومين (٤) ، وما دلّ على أنّ أفضل الأعمال أحمزها (٥) ، فإنّ الأحمزيّة في العملين المتساويين في ذاتهما تحصل باحتياج أحدهما إلى ما لا يحتاج الآخر من المقدّمات ، وما دلّ على ترتّب الثواب على الطهارات الثلاث (٦) ، مع أنّ أوامرها غيريّة ، ولذا وقع المنكرون لترتّب الثواب على الواجبات الغيريّة في الإشكال في الطهارات الثلاث. وأمّا على المختار فلا إشكال.
ولا يشكل على المختار بأنّ لازمه ثبوت مثوبات شتّى وعقوبات لا تحصى في واجب واحد إذا كثرت مقدّماته مع الواسطة وبلا واسطة ، سيّما وكلّ مقدّمة تتجزّأ إلى ما لا نهاية له من الأجزاء ؛ ذلك لأنّ فساد اللازم كاشف عن عدم وجوب المقدّمات وجوبا شرعيّا لا عن عدم استحقاق الثواب والعقاب عليها على تقدير الوجوب ؛ فإنّ ثبوت استحقاقها على تقدير الوجوب أوضح من ثبوت أصل الوجوب ، مع أنّه لا مانع من التزام عقوبات ومثوبات متعدّدة بمعنى امتداد العقاب والثواب بكثرة المقدّمات.
[المبحث] الخامس :
كلّ واجب غيري فهو توصّلي ؛ لأنّ رتبة الواجب إن كانت مقدّمة ، وجب إتيانها ـ بأيّ داع كان سقوط الأمر بالمقدّمة ـ وإن لم تكن مقدّمة لم تتّصف بالوجوب.
__________________
(١) الأنعام (٦) : ١٦٠.
(٢) الشورى (٤٢) : ٤٠.
(٣) بحار الأنوار ٢ : ١ ـ ٢٥.
(٤) راجع وسائل الشيعة ١٤ : ٤٣٩ أبواب المزار ، ب ٤١ ، ح ١ ؛ بحار الأنوار ٩٧ : ١١٦ ـ ١٢٤.
(٥) النهاية في غريب الحديث والأثر ١ : ٤٤٠ ؛ مجمع البحرين ٤ : ١٦ ، «ح م ز».
(٦) وسائل الشيعة ١ : ٣٧٥ ـ ٣٨٠ أبواب الوضوء ، ب ٨ و ٩ ، و ١ : ٣٠٣ ـ ٣٤٠ أبواب الأغسال المسنونة ، والتيمّم بدل عنهما.