ولم يختلف ذلك عن نفس الطبيعة فما الداعي لهذا التقييد؟! إذ الفرد أيضا كلّي كنفس الطبيعة وقد وقع جزاء لشرطين ، إلّا أن يخصّ كلّ بخصوصيّة غير الاخرى فيخرج حينئذ عن الفرض ، ويكون الجزاء في كلّ من الشرطيّتين نوعا من الماهيّة غير الجزاء في الاخرى.
وأمّا تقييد أحد الفردين بكونه غير الآخر فهو ممّا لم أتحصّل معناه ؛ فإنّ عنوان غيريّة هذا لا يتحقّق إلّا مع تعيّن الآخر والفرض ألا تعيّن للآخر ليكون هذا غيره.
مفهوم الوصف
تعليق الحكم على الصفة هل يقتضي المفهوم وانتفاء الحكم عند انتفاء الصفة ، أو لا يقتضيه كما لا يقتضي انتفاؤه عند انتفاء الموصوف ؛ فإنّ الصفة والموصوف مشتركان في الدخل في الحكم ، فإذا لم يقتض انتفاء الموصوف انتفاء الحكم لم يقتض انتفاء الصفة أيضا انتفاؤه ، ولم تتخصّص الصفة بخصيصة ليختصّ باقتضاء المفهوم. نعم ، هما مشتركان في أنّ بانتفائهما ينتفي شخص الحكم وهذا لا كلام فيه.
وإنّما الكلام في باب المفاهيم في الدلالة على انتفاء نوع الحكم حتّى لو دلّ الدليل على ثبوته عند انتفاء الصفة عارض ذلك دليل تعليق الحكم على الصفة إن قلنا فيه بالمفهوم.
والمراد من التعليق على الصفة تعليق واقع الحكم دون الأخذ في مجرّد العبارة ـ كما في القيود التوضيحيّة ـ فإنّ انتفاءها لا يوجب انتفاء شخص الحكم فضلا عن سنخه.
نعم ، طريق استكشاف تعليق واقع الحكم هو ظاهر العبارة ، ولذا قيل : إنّ الأصل في القيد أن يكون احترازيّا ـ وهو مقابل التوضيح ـ يعني أنّ الأصل في القيد أن يكون جزء متمّما لموضوع الحكم الشخصي دخيلا فيه ، والمراد من الأصل هو الظهور وهذا لا إشكال فيه.
وإنّما الإشكال في دخالة القيد الدخيل في شخص الحكم في سنخ الحكم أيضا ليستتبع انتفاؤه انتفاء سنخ الحكم مضافا إلى انتفاء شخصه أوّلا ، فمن قال بالمفهوم قال بالأوّل ، ومن أنكره قال بالثاني. فموضوع البحث في ثبوت المفهوم هو القيود المسلّمة الدخل في شخص الحكم دون القيود التوضيحيّة التي لا توجب ارتفاعها ارتفاع شخص الحكم فضلا عن سنخه.
ثمّ المختار في المقام هو المختار في المقام السابق ، يعنى أنّ المسلّم من دلالة التعليق على الوصف على المفهوم دلالته على انتفاء سنخ الحكم عن الموصوف خاليا عن كلّ صفة.