في الدنيا على طريق العذاب لهم والإنتقام منهم لما كانوا عليه من الكفر والضلال ، وعلمه من أحوالهم في المستقبل من أنّهم لا يؤمنون. ويجري ذلك مجرى قوله تعالى : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) (١). فسأل موسى عليهالسلام ربّه وقال : ربّ إنّك اتيتهم هذه الأموال والزينة في الحياة الدنيا على طريق العذاب ولتضلّهم في الآخرة عن سبيلك الّتي هي سبيل الجنّة وتدخلهم النار بكفرهم ، ثمّ سأله أن يطمس على أموالهم بأن يسلبهم إيّاها ليزيد ذلك في حسرتهم وعذابهم ومكروههم ، ويشدّ على قلوبهم بأن يميتهم على هذه الحال المكروهة. وهذا جواب قريب من الصّواب والسّداد» [انتهى كلامه ، وفيه نظر] (٢).
ـ (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١)) [يونس : ٩٠ ـ ٩١].
أنظر البقرة : ٢٦ ، ٢٧ من الرسائل ، ٢ : ١٧٧ إلى ٢٤٧.
ـ (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) [يونس : ٩٤].
[إن سأل سائل فقال :] كيف يكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في شكّ ممّا أوحي إليه؟ وكيف يسأل عن صحّة ما أنزل إليه الذين يقرؤون الكتاب من قبله وهم اليهود والنصارى المكذّبون له؟.
[قلنا :] إنّ قوله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) ظاهر الخطاب له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمعنى لغيره ؛ كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (٣) فكأنّه قال : فإن كنت أيّها السامع للقرآن في شكّ ممّا أنزلناه على نبيّنا ؛ فاسأل الذين يقرأون الكتاب.
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ٥٥.
(٢) تنزيه الأنبياء والأئمّة : ١٠٦.
(٣) سورة الطلاق ، الآية : ١.