تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) وتقديم الإمام في الصلاة ركون إليه ؛ لأنّ إمامة الصلاة معتبر فيها الفضل والتقديم فيما يعود إلى الدين ، ولهذا رتّب فيها من هو أقرأ وأفقه وأعلم ، والفاسق ناقص فلا يجوز تقديمه على من خلا من نقصه (١).
ـ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) [هود : ١١٤].
[فيها امران :]
[الأوّل : قال الناصر رحمهالله :] «آخر وقت الظهر حين تصير القامة مثلها في احدى الروايتين ، وحين تصير مثليها في الرواية الأخرى».
والذي يذهب إليه أنّه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر بلا خلاف ، ثمّ اختصّ أصحابنا بأنّهم يقولون : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر معا ، إلّا أن الظهر قبل العصر (٢).
وتحقيق هذا الموضع : أنّه إذا زالت الشمس دخل وقت الظّهر بمقدار ما يؤدّى أربع ركعات ، فإذا خرج هذا المقدار من الوقت اشترك الوقتان.
ومعنى ذلك أنّه يصحّ أن يؤدّى في هذا الوقت المشترك الظهر والعصر بطوله ، على أنّ الظهر متقدمة للعصر ، ثمّ لا يزال في وقت منهما إلى أن يبقى إلى غروب الشمس مقدار أداء أربع ركعات ، فيخرج وقت الظهر ، ويخلص هذا المقدار للعصر ، كما خلص الوقت الأوّل للظهر ...
والذي يدل على صحّة مذهبنا بعد الإجماع المتقدّم ، قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) يعني الفجر والعصر ، وطرف الشيء ما يقرب من نهايته ، ولا يليق ذلك إلّا بقول من قال : وقت العصر ممتد إلى قرب غروب الشمس ؛ لأنّ مصير ظلّ كلّ شيء مثله أو مثليه يقرب من الوسط ، ولا يقرب إلى الغاية والانتهاء.
__________________
(١) الانتصار : ٤٩ وراجع أيضا الناصريات : ٢٤٤.
(٢) مختلف الشيعة ، ٢ : ٦ ، ٧.