وصلّ علي حين العشيّات والضّحى |
|
ولا تحمد المثرين والله فاحمدا (١) |
أراد : فاحمدن ، فأبدل النون ألفا ، وكما قال عمر بن أبي ربيعة :
وقمير بدا ابن خمس وعش |
|
رين له قالت الفتاتان قوما |
أراد : قومن.
وممّا استشهد به من أجاب بهذا الجواب الّذي ذكرناه آنفا في أنّ الكلام خبر ، وإن خرج مخرج الدعاء ، ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «لن يلدغ المؤمن من جحر مرّتين» وهذا نهي ، وإن كان مخرجه مخرج الخبر وتقدير الكلام : «لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين» ؛ لأنّه لو كان خبرا لكان كذبا. وإذا جاز أن يراد بما لفظه لفظ الخبر النهي ، جاز أن يراد بما لفظه لفظ الدعاء الخبر. فيكون المراد بالكلام : «فلن يؤمنوا».
وقد ذكر «أبو علي الجبّائيّ» أنّ قوما من أهل اللغة قالوا : إنه تعالى نصب قوله تعالى : (فَلا يُؤْمِنُوا) وحذف منه النون. وهو يريد في المعنى «ولا يؤمنون» على سبيل الخبر عنهم ؛ لأنّ قوله تعالى : (فَلا يُؤْمِنُوا) وقع موقع جواب الأمر الّذي هو قوله : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) فلمّا وقع موقع جواب الأمر وفيه الفاء ، نصبه بإضمار «أن» ؛ لأنّ جواب الأمر بالفاء منصوب في اللغة ، فنصب هذا لما أجراه مجرى الجواب ، وإن لم يكن في الحقيقة جوابا. ومثله قول القائل : «انظر إلى الشمس تغرب» «بالجزم» ، وتغرب ليس هو جواب الأمر على الحقيقة ؛ لأنّها لا تغرب لنظر هذا الناظر ، ولكن لمّا وقع موقع الجواب أجراه مجراه في الجزم ، وإن لم يكن جوابا في الحقيقة.
وقد ذكر «أبو مسلم محمد بن بحر» في هذه الآية وجها آخر ، وهو من أغرب ما ذكر فيها ، قال : «إنّ الله تعالى إنّما آتى فرعون وملأه الزينة والأموال
__________________
(١) لسان العرب ٢ : ٤٧٠ وفيه :
وسبح على حين العشيات والضحى |
|
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا |